Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 176-176)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءة : قرأ نافع في جميع القرآن { يحزنك } - بضم الياء - إلا قوله : { لا يحزنهم الفزع الأكبر } الباقون بفتح الياء في جميع القرآن . وقرأ أبو جعفر عكس ما قرأ نافع . فانه فتح في جميع القرآن إلا قوله { لا يحزنهم } فانه ضم الياء وحكى البلخي عن ابن أبي محيص الضم في الجميع . اللغة : قال سيبويه : تقول : فتن الرجل ، وفتنته . وحزن ، وحزنته . وزعم الخليل أنك حيث قلت فتنته ، وحزنته ، لم ترد أن تقول : جعلته حزيناً وجعلته فاتناً . كما انك حين قلت : أدخلته جعلته داخلا ، ولكن أردت أن تقول : جعلت فيه حزناً ، وفتنة . فقلت فتنته كما قلت كحلته أي جعلت فيه كحلا . ودهنته جعلت فيه دهناً . فجئت بفعلته - على حده - ولم ترد بفعلته ها هنا نفس قولك حزن وفتن ولو أردت ذلك لقلت أحزنته وأفتنته . وفتن من فتنته مثل حزن من حزنته قال : وقال بعض العرب : أفتنت الرجل وأحزنته إذا جعلته حزيناً ، وفاتناً ، فغيره إلى أفعل - هذا حكاه أبو علي الفارسي حجة لنافع - وقال قوله : { لا يحزنهم } إنما ضم على خلاف أصله لعله اتبع أثراً أو أحب الأخذ بالوجهين : المعنى : والمعني بقوله : { الذين يسارعون في الكفر } - على قول مجاهد - وابن اسحاق - المنافقون . وفي قول أبي علي الجبائي : قوم من العرب ارتدوا عن الاسلام . فان قيل : كيف قال : { يريد الله أن لا يجعل لهم حظاً في الآخرة } والارادة لا تتعلق بألا يكون الشيء وإنما تتعلق بما يصح حدوثه ؟ قلنا : عنه جوابان : أحدهما - قال ابن اسحاق : { يريد الله } أن يحبط أعمالهم بما استحقوه من المعاصي والكبائر . والثاني - ان الله يريد أن يحكم بحرمان ثوابهم الذى عرضوا له بتكليفهم ، وهو الذي يليق بمذهبنا ، لأن الاحباط عندنا ليس بصحيح فان قيل كيف قال : { يريد الله } وهذا إخبار عن كونه مريداً في حال الاخبار ، وإرادة الله تعالى لعقابهم تكون يوم القيامة ، وتقديمها على وجه يكون عزماً وتوطيناً للنفس لا يجوز عليه تعالى ؟ قلنا : عنه جوابان : أحدهما - قال أبو علي : معناه أنه سيريد في الآخرة حرمانهم الثواب ، لكفرهم الذي ارتكبوه . والثاني - أن الارادة متعلقة بالحكم بذلك ، وذلك حاصل في حال الخطاب . وقال الحسن : يريد بذلك فيما حكم من عدله . وقوله : { يسارعون في الكفر } أي يبادرون إليه . والسرعة وإن كانت محمودة في كثير من المواضع ، فانها مذمومة في الكفر . والعجلة مذمومة على كل حال إلا في المبادرة إلى الطاعات . وقيل : إن العجلة هي تقديم الشيء قبل وقته ، وهي مذمومة على كل حال ، والسرعة فعل لم يتأخر فيه شيء عن وقته ، ولا يقدم قبله ، ثم بين تعالى أنهم لمسارعتهم إلى الكفر لا يضرون الله شيئا ، لأن الضرر يستحيل عليه تعالى . وانما يضرون أنفسهم بأن يفوتوا نفوسهم الثواب ، ويستحقوا العظيم من العقاب ، ففي الآية تسلية للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) عما يناله من الغم باسراع قوم إلى الكفر بأن وبال ذلك عائد عليهم ، ولا يضرون الله شيئاً .