Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 192-192)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذه أيضاً حكاية عن أولي الألباب الذين وصفهم بانهم أيضاً يقولون { ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } أي من ناله عذاب النار وما فيها من الذل والمهانة فهو المخزى . وقال ابن جريج ، وقتادة ، وأنس بن مالك ، وسعيد بن المسيب : الاخزاء يكون بالتأييد فيها . وقال جابر بن عبدالله : إن الخزي يكون بالدخول فيها . وروى عنه عمرو بن دينار وعطا أنه قال : وما أخزاه من أحرقه بالنار إن دون ذا لخزياً ، وهذا هو الأقوى ، لأن الخزي إنما هو هتك المخزى ، وفضيحته ، ومن عاقبه الله على ذنوبه ، ، فقد فضحه وذلك هو الخزي ، ولا ينافي ذلك ما نذهب إليه من جواز العفو عن المذنبين ، لأنه تعالى إذا عفا عن العاصي لا يكون أخزاه وان أدخله النار ثم أخرجه منها بعد استيفاء العقاب ، فعلى قول من قال : الخزي يكون بالدوام لا يكون أخزاه ، ومن قال يكون بنفس الدخول ، له أن يقول : إن ذلك وإن كان خزياً ، فليس مثل خزي الكفار ، وما يفعل بهم من دوام العقاب ، وعلى هذا يحمل قوله تعالى : { يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه } وقوله : { وما للظالمين من أنصار } معناه ليس للظالمين من يدفع عنهم على وجه المغالبة والقهر ، لأن الناصر هو الذي يدفع عن المنصور على وجه المغالبة ولا ينافي ذلك الشفاعة في أهل الكبائر لأن الشفاعة هي مسألة وخضوع وضرع إلى الله تعالى ، وليست من النصرة في شيء وقوله ( صلى الله عليه وسلم ) " يخرجون من النار بعدما يصيرون حمماً وفحماً " صريح بوقوع العفو عن مرتكبي الكبائر وتأول الرماني الخبر تأويلين : أحدهما - أنه لولا الشفاعة ، لواقعوا كبيرة يستوجبون بها الدخول فيها ، فيخرجون بالشفاعة على هذا الوجه ، كما يقال أخرجتني من السلعة إذا كان لولا مشورته ، لدخل فيها بابتياعه إياها . الثاني - لولا الشفاعة ، لدخلوها بما معهم من الصغيرة ثم أخرجوا عنها إلى الجنة . والأول فاسد ، لأنه مجاز . والثاني - ليس بمذهب لأحد من القائلين بالوعيد لأن الصغيرة تقع مكفرة لا عقاب عليها فكيف يدخل بها النار .