Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 37-37)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

القراءة ، والمعنى ، واللغة : قرأ أهل الكوفة { كفلها } بالتشديد . الباقون بالتخفيف . والتخفيف أليق بقوله { أيهم يكفل مريم } وقرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر { زكريا } مقصوراً . الباقون بالمد . ونصب { زكرياء } مع المد أبو بكر . الباقون بالرفع . قوله : { فتقبلها ربها بقبول حسن } معناه رضيها في النذر الذي نذرته بالاخلاص للعبادة في بيت المقدس ، ولم يقبل قبلها أنثى في ذلك المعنى . وإنما جاء مصدر تقبلها على القبول دون التقبل ، لأن فيه معنى قبلها . وقال أبو عمرو : لا نظير للقبول في المصادر ، ففتح فاء الفعل والباب كله مضموم الفاء كالدخول ، والخروج ، وقال سيبويه : جاءت خمسة مصادر على فعول : قبول ، ووضوح ، وظهور ، وولوغ ، ووقود إلا أن الاكثر في وقود الضم إذا أريد المصدر . وأجاز الزجاج في القبول الضم . وقوله : { وأنبتها نباتاً حسناً } معناه أنشأها إنشاء حسناً في عذابها وحسن تربيتها . والكفل تضمن مؤنة الانسان كفلته أكفله كفلا فأنا كافل : إذا تكلفت مؤنته . ومنه { وكفلها زكريا } ومن قرأ بالتثقيل فمعنا كفلها الله زكريا والكفيل : الضامن . والكفل : مؤخر العجز . والكفل من الرجال الذي يكون في مؤخر الحرب همته الفرار . والكفل النصيب . ومنه قوله : { يؤتكم كفلين من رحمته } وقوله : { ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها } وأصل الباب التأخر فمنه الكفالة الضمان . وفي زكريا ثلاث لغات : المد ، والقصر . وقد قرىء بهما وزكريَّ بالياء المشددة وأحكامها مختلفة في الجمع . والتثنية ، فمن مد قال في التثنية : زكريا وان . وفي الجمع زكريا وون . ومن قصر قال في التثنية زكريان . وفي الجمع زكريون . والذي بالياء زكريان في التثنية ، وزكريون في الجمع ، وزكرياء بالمد لا يجوز صرفه لأن فيه ألفي التأنيث . ومن قال : لأنه أعجمي معرفة يلزمه إذا نكر أن يصرفه ، وهذا لا يجوز . وأما زكري ، فان ينصرف لأنه بنأ النسب خرج إلى شبه العربي كما خرج مدائني إلى شبه الواحد على قول المبرد . والمحراب : مقام الامام من المسجد وأصله أكرم موضع في المجلس وأشرفه قال عدي بن زيد العبادي : @ كدمى العجاج في المحاريب أو كالـ بيض في الروض زهره مستنير @@ وقيل هو المكان العالي ذكره الزجاج قال الشاعر : @ ربة محراب إذا جئتها لم ألقها أو أرتقي سلما @@ وقوله : { وجد عندها رزقاً } ، فالرزق هو ما للانسان ، الانتفاع به على وجه ليس لأحد منعه . المعنى : وقيل إنه كان فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف في قول ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي ، وابن اسحق . وقال : تكلمت في المهد ، ولم تلقم ثدياً قط ، وإنما كان يأتيها رزقها من الجنة ، وهذه تكرمة من الله تعالى لها . وعندنا يجوز فعل ذلك بالأولياء والصالحين ، وإن لم يكونوا أنبياء . ومن منع منه قالوا فيه قولين : أحدهما - أن ذلك كان آية لدعوة زكريا لها بالرزق في الجملة . والثاني - قال قوم : هو تأسيس لنبوة المسيح ، والأول قول الجبائي . واختار وجهاً آخر أن يكون الله ( تعالى ) سخر لها بعض عباده أن يأتيها به بلطفه على مجرى العادة ، ولايكون معجزاً ، وهذا خلاف جميع أقوال المفسرين لأنهم كلهم قالوا لما رأى زكريا ذلك قال : الذي يقدر على أن يأتي مريم بالرزق يقدر أن يخلق الولد من امرأة عاقر ، فهنالك سأله أن يرزقه ولداً . ويحتمل ايصال قوله : { إن الله يرزق من يشاء بغير حساب } بما تقدم من وجهين : أحدهما - أن يكون حكاية لقول مريم . والثاني - أن يكون استئنافاً من الله الاخبار به . والأولى أن يكون على الاستئناف ، لأنه ليس من معنى الجواب عما سئلت عنه في شيء . وقال الحسن : هو على الحكاية . وقوله : { بغير حساب } معناه بغير حساب الاستحقاق على العمل ، لأنه تفضل يبتدىء الله به من يشاء من خلقه . ويحتمل أن يكون المراد بغير تقتير كما يحسب الذي يخاف الاملاق . وقد بينا فيما مضى معنى { أنى } وأن معناه من أين لك . وقال قوم معناه كيف لك . والأول أظهر .