Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 71-71)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : قيل في معنى قوله : { لم تلبسون الحق بالباطل } ثلاثة أقوال : أحدها - بتحريف التوراة والانجيل في قول الحسن وابن زيد . الثاني - قال ابن عباس ، وقتادة : باظهار الاسلام ، وإبطان النفاق ، وفي قلوبهم من اليهودية والنصرانية مأمناً ، لأنهم يداعوا إلى اظهار الاسلام في صدر النهار والرجوع عنه في آخره لتشكيك الناس فيه . الثالث - بالايمان بموسى ، وعيسى ، والكفر بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) . والحق الذي كتموه - في قول الحسن ، وغيره من المفسرين - : هو ما وجدوه من صفة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) والبشارة به في كتبهم على وجه العناد من علمائهم . وقوله : { وأنتم تعلمون } فيه حذف وتقديره وأنتم تعلمون الحق ، لأن التقريع قد دل على أنهم كتموا الحق وهم يعلمون أنه حق . ولو كتموه وهم لا يعلمون أنه حق لم يلائم معنى التقريع الذي دل على أنهم كتموا الحق وهم يعلمون أنه حق ولم يلائم معنى التقريع الذي دل عليه الكلام . وقيل أيضاً : وأنتم تعلمون الأمور التي يصح بها التكليف . والأول أصح ، لما بيناه من الذم على الكتمان . فان قيل : إذا كانوا يعلمون الحق في الدين ، فقد صح كونهم معاندين فلم ينكر مذهب أصحاب المعارف الذين يقولون أن كل كافر معاند ؟ قلنا : هذا في قوم مخصوصين يجوز على مثلهم الكتمان ، فأما الخلق الكثير ، فلا يصح ذلك منهم ، كما يجوز الكتمان على القليل ، ولا يجوز على الكثير فيما طريقه الاخبار . على أن في الآية ما يدل على فساد قول أصحاب المعارف . وهو الاخبار بأنهم كتموا الحق الذي علموا ، فلو اشترك الناس فيه ، لما صح الكتمان كما لا يصح في ما يعلمونه من المشاهدات والضروريات ، لاشتراكهم في العلم به . وقوله : { وتكتمون الحق } رفع ، لأنه معطوف على قوله : { تلبسون } وكان يجوز النصب ، فتقول : وتكتموا الحق على الصرف ، كما لو قلت لم تقوم وتقعد كان جائزاً أي لم تجمع الفعلين وأنت مستغن باحدهما عن الآخر .