Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 41-45)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما حكى الله تعالى انه يقول للملائكة إن هؤلاء الكفار إياكم كانوا يوجهون عبادتهم ، حكى ما يجيب به الملائكة ، فانهم يقولون { سبحانك أنت ولينا } تنزيهاً لك أن نعبد سواك ، ونتخذ معك معبوداً غيرك ، ويقولون : أنت يا ربنا ولينا أي ناصرنا وأولى بنا { من دونهم } يعني دون هؤلاء الكفار ودون كل احد وأنت الذي تقدر على ذلك من دونهم ، فما كنا نرضى بعبادتهم مع علمنا بأنك ربنا وربهم ، ما أمرناهم بهذا ولا رضينا به لهم { بل كانوا يعبدون الجن } بطاعتهم إياهم في ما يدعونهم اليه من عبادة الملائكة . وقيل : انهم صوّروا لهم صورة قوم من الجن ، وقالوا هذه صورة الملائكة فاعبدوها ، وهم وإن عبدوا الملائكة ، فان الملائكة لم يرضوا بعبادتهم إياهم ولا دعوهم اليها ، والجن دعوهم إلى عبادتهم ورضوا به منهم فتوجه الذم إلى العابد والمعبود ، وفي الملائكة لا يستحق الذم غير العابد ، فلذلك أضرب عن ذكر الملائكة . ثم حكى تعالى ما يقول للكفار يوم القيامة ، فانه يقول لهم { فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعاً ولا ضرّاً } ولا يقدر على ذلك { ونقول للذين ظلموا } نفوسهم بارتكاب المعاصي { ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون } أي تجحدونه ، ولا تعترفون به . ثم عاد تعالى إلى الحكاية عن حال الكفار في الدنيا فقال { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات } أي تقرأ عليهم حججنا واضحات من القرآن الذي أنزله على نبيه { قالوا } عند ذلك { ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد أباؤكم } أي يمنعكم عن عبادة ما كان يعبده أباؤكم { وقالوا } أيضاً { ما هذا } القرآن { إلا إفك مفترى } يعني كذب تخرصه وافتراه { وقال الذين كفروا للحق } يعني القرآن { لما جاءهم إن هذا } أي ليس هذا { إلا سحر مبين } أي ظاهر . والسحر حيلة خفية توهم المعجزة . ثم قال تعالى { وما آتيناهم من كتب يدرسونها } قال الحسن : معناه ما آتيناهم من كتب قبل هذا الكتاب ، فصدقوا به وبما فيه ان هذا كما زعموا { وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير } ويجوز ان يكون المراد وما أرسلنا اليهم قبلك يا محمد من نذير إلا وفعلوا به وقالوا له مثل ما قالوا لك ، وحذف لدلالة الكلام عليه ، وذلك عليه بقوله { وكذب الذين من قبلهم } بما أتاهم الله من الكتب ، وبما بعث اليهم من الرسل { وما بلغوا } أي وما بلغ هؤلاء { معشار ما آتيناهم } أولئك الكفار ، قال الحسن : معنى معشار أي عشر ، والمعنى ما بلغ الذين ارسل اليهم محمد صلى الله عليه وآله من اهل مكة عشر ما اوتي الأمم قبلهم من القوة والعدة - في قول ابن عباس وقتادة - { فكذبوا رسلي } أي كذبوا بآيات الله وجحدوا رسله { فكيف كان نكير } أي عقوبتي وتغييري لان الله أهلكهم واستأصلهم وهو نكير الله تعالى في الدنيا .