Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 51-54)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ حمزة والكسائي وابو عمرو { التناؤش } بالهمز . الباقون بغير همز . يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله { ولو ترى } يا محمد { إذ فزعوا } من العذاب يوم القيامة { فلا فوت } أى لا مهرب ولا يفوتونه . فالفوت خروج وقت الشيء كفوت الصلاة ، وفوت وقت التوبة وفوت عمل اليوم بانقضائه . والفزع والجزع والخوف والرعب واحد . والفزع يتعاظم في الشدة بحسب اسبابه وقوله { وأخذوا من مكان قريب } قال ابن عباس والضحاك : أخذوا من عذاب الدنيا . وقال الحسن : حين يخرجون من قبورهم . وقيل : من بطن الارض إلى ظهرها . والمعنى انهم اذا بعثوا من قبورهم ، ولو ترى فزعهم يا محمد حين لا فوت ولا ملجأ . وجواب ( لو ) محذوف ، والتقدير لرأيت ما تعتبر به عبرة عظيمة . وقوله { وقالوا آمنا به } أى يقولون ذلك الوقت آمنا به وصدقنا به . فقال تعالى { وأنى لهم التناوش من مكان بعيد } قيل : معناه بفوتهم تناول التوبة في الآخرة إلى الدنيا ، والتناوش التناول من قولهم نشته أنوشه اذا تناولته من قريب قال الشاعر : @ فهي تنوش الحوض نوشاً من علا نوشا به تقطع اجواز الفلا @@ وتناوش القوم اذا دنا بعضهم إلى بعض ، ولم يلتحم بينهم قتال ، وقد همز بعضهم ، فيجوز أن يكون من هذا ، لأن الواو اذا انضمت همزت كقوله { أقتت } ويجوز أن يكون من النش وهو الابطاء ، وانتاشه اخذ به من مكان بعيد ، ومثله نأشه قال الشاعر : @ تمنى نئيشاً أن يكون اطاعني وقد حدثت بعد الأمور امور @@ وقال رؤبة : @ اقحمني جار ابي الجاموش اليك نأش القدر المنؤش @@ { وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد } معناه كيف تقبل توبتهم أو يردون إلى الدنيا ، وقد كفروا بالله ورسله من قبل ذلك ، وهو قوله { بالغيب من مكان بعيد } يعني قولهم هو ساحر وهو شاعر وهو مجنون . وقيل : هو قولهم لا بعث ولا جنة ولا نار - ذكره قتادة - وقال البلخي : يجوز ان يكون اراد انهم يفعلون ذلك بحجة داحضة وأمر بعيد . وقال قوم : يقذفون بالظن ان التوبة تنفعهم يوم القيامة عن مكان بعيد الا ان في العقل انها لا تقبل . ثم قال { وحيل بينهم وبين ما يشتهون } أى فرق بينهم وبين شهواتهم ، من قبول توبتهم وايصالهم إلى ثواب الجنة أو ردهم إلى دار الدنيا { كما فعل } مثل ذلك { باشياعهم من قبل } وهو جمع الجمع تقول شيعة وشيع واشياع ، ولان أشياعهم تمنوا أيضاً مثل ذلك فحيل بينهم وبين تمنيهم ، ثم اخبر { إنهم كانوا في شك من ذلك } في الدنيا { مريب } والريب أقبح الشك الذى يرتاب به الناس . وقال سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير قوله { ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت } نزلت في الجيش الذى يخسف بهم بالبيداء فيبقى رجل يخبر الناس بما رآه ، ورواه حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله .