Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 71-80)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اقسم الله تعالى انه { لقد ضل قبلهم } قبل هؤلاء الكفار الذين هم في عصر النبي صلى الله عليه وآله عن طريق الحق واتباع الهدى { أكثر الأولين } من كان قبلهم لان اللام في { لقد } هي لام القسم وتدخل على الجواب لقولك : والله لقد كان كذا ، وقد تدخل للتأكيد . والضلال الذهاب عن الحق إلى طريق الباطل ، تقول : ضل عن الحق يضل ضلالا . والاضلال قد يكون بمعنى الذم بالضلال والحكم عليه به ، وقد يكون بمعنى الأمر به والاغراء كقوله { وأضلهم السامري } والأكثر هو الأعظم في العدد ، والأول الكائن قبل غيره . وأول كل شيء هو الله تعالى ، لأن كل ما سواه فهو موجود بعده . ثم أقسم انه أرسل فيهم منذرين من الأنبياء والرسل يخوفونهم بالله ويحذرونهم معاصيه . ثم قال { فانظر } يا محمد { كيف كان عاقبة المنذرين } والتقدير ان الأنبياء المرسلين لما خوفوا قومهم فعصوهم ولم يقبلوا منهم أهلكهم وأنزل عليهم العذاب ، فانظر كيف كان عاقبتهم . ثم استثنى من المنذرين في الاهلاك عباده المخلصين الذين قبلوا من الأنبياء ، وأخلصوا عبادتهم لله تعالى ، فان الله تعالى خلصهم من ذلك العذاب ووعدهم بالثواب . ثم أخبر ان نوحاً نادى الله ودعاه واستنصره على قومه ، وأنه تعالى أجابه ، وانه - جل وعز - نعم المجيب لمن دعاه وتقديره فلنعم المجيبون نحن له ولما أجابه نجاه وخلصه وأهله من الكرب العظيم ، فالنجاة هي الرفع من الهلاك واصله الرفع ، فمنه النجوة المرتفع من المكان ومنه النجا النجا كقولهم الوحا الوحا . والاستنجاء رفع الحدث . والكرب الحزن الثقيل على القلب ، قال الشاعر : @ عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب @@ والكرب تحرير الأرض باصلاحها للزراعة . والكرب هو الذي يحمي قلب النخلة باحاطته بها وصيانته لها . والعظيم الذي يصغر مقدار غيره عنه . وقد يكون التعظيم في الخير والعظم في الشر والعظم في النفس . وقال السدي : معناه نجيناه وأهله من الغرق . وقال غيره : بل نجاهم من الأذى والمكروه الذي كان ينزل بهم من قومه ، لانه بذلك دعا ربه فأجابه . وقيل : الذين نجوا مع نوح شيعته . وقوله { وجعلنا ذريته هم الباقين } قال ابن عباس وقتادة : الناس كلهم من ذرية نوح بعد نوح . وقال قوم : العجم والعرب أولاد سام بن نوح والترك والصقالبة والخزر أولاد يافث بن نوح ، والسودان أولاد حام ابن نوح . وقوله { وتركنا عليه في الآخرين } قيل في معناه قولان : قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : { وتركنا عليه في الآخرين } يعني ذكراً جميلا ، وأثنينا عليه في أمة محمد . ومعنى { تركنا } أبقينا ، فحذف ، فيكون { سلام على نوح في العالمين } من قول الله على غير جهة الحكاية . الثاني - قال الفراء : تركنا عليه قولا هو أن يقال في آخر الامم : سلام على نوح في العالمين . ثم قال { إنا كذلك نجزي المحسنين } كما فعلنا بنوح من الثناء الجميل ، مثل ذلك نجزى من احسن أفعاله وتجنب المعاصي .