Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 17-20)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اربع آيات بلا خلاف ، في جملتها ، وقد اختلفوا في تفصيلها فعد العراقيون والشامي واسماعيل { فبشر عبادي } ولم يعدها المكي ، ولا المدني الأول ، وعد المكي والمدني الأول { من تحتها الأنهار } . لما اخبر الله تعالى عن هؤلاء الكفار وما أعده لهم من انواع العقاب ، اخبر - هٰهنا - عن حال المؤمنين وما أعده لهم من الثواب فقال { والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها } يعني الذين اجتنبوا عبادة الطاغوت والتقرب اليها بأنواع القرب . والطاغوت جماعة الشياطين في قول مجاهد والسدي وابن زيد . وإنما انث تأنيث الجماعة ، ولفظه لفظ المذكر . وقيل إن كل ما عبد من دون الله ، فهو طاغوت { وأنابوا إلى الله } أي تابوا اليه ، واقلعوا عما كانوا عليه { لهم البشرى فبشر عباد } جزاء على ذلك والبشرى والبشارة واحد وهو الاعلام بما يظهر السرور به في بشرة الوجه ، وضده السوءى وهو الاعلام بما يظهر الغم به في الوجه بما يسوء صاحبه . ثم امر نبيه صلى الله عليه وآله فقال { فبشر عبادي } فمن اثبت الياء وفتحها ، فلأنه الأصل ومن حذف الياء اجتزأ بالكسرة الدالة عليها ، ثم وصف عباده الذين أضافهم إلى نفسه على وجه الاختصاص فقال { الذين يستمعون القول } يعني يصغون إلى تلاوة القرآن والأقوال الدالة على توحيده { فيتبعون أحسنه } إنما قال { أحسنه } ولم يقل حسنه لأنه اراد ما يستحق به المدح والثواب ، وليس كل حسن يستحق به ذلك ، لان المباح حسن ولا يستحق به مدح ولا ثواب . والأحسن الأولى بالفعل في العقل والشرع . ثم اخبر تعالى فقال { أولئك } يعني هؤلاء الذين وصفهم من المؤمنين هم { الذين هداهم الله } يعني إلى الجنة وثوابها ، وحكم بأنهم مهتدون إلى الحق { وأولئك هم أولوا الألباب } يعني اولوا العقول على الحقيقة ، لأنهم الذين انتفعوا بعقولهم من حيث اتبعوا ما يجب اتباعه ، والكفار وإن كان لهم عقول فكأنهم لا عقول لهم من حيث أنهم لم ينتفعوا بما دعوا اليه . ثم قال تعالى على وجه التنبيه { أفمن حق عليه كلمة العذاب } أي وجب عليه الوعيد بالعقاب جزاء على كفره كمن وجب له الوعد بالثواب جزاء على ايمانه وحذف لدلالة الكلام عليه تنبيهاً على أنهما لا يستويان . ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله { أفأنت تنقذ من في النار } وتقديره افأنت تنقذه ، لا يمكنك ذلك ، لان العقاب وجب له بكفره ، واخبر تعالى انه لا يغفر له وإنما اتى بالاستفهام مرتين تأكيداً ، للتنبيه على المعنى ، قال الزجاج : معناه معنى الشرط والجزاء ، والف الاستفهام - ها هنا - معناها التوقيف ، والثانية في قوله { أفانت تنقذ } جاءت مؤكدة لما طال الكلام ، لأنه لا يصلح أن يأتي بالف الاستفهام تارة في الاسم والأخرى في الخبر ، والمعنى أفمن حق عليه كلمة العذاب أنت تنقذه او في سياق الكلام حذف . وفيه دليل على المحذوف . والمعنى افمن حق عليه كلمة العذاب ، فيتخلص منه او ينجو منه افانت تنقذه أي لا تقدر عليه ان تنقذه ، وقال الفراء : هما استفهام واحد وتقديره : أفانت تنقذ من حقت عليه كلمة العذاب من النار . ومثله { أيعدكم أنكم إذا متم … أنكم مخرجون } وتقديره أيعدكم إنكم تخرجون إذا متم . ثم فسرّ وبين ما أعده للمؤمن كما فسر ما أعده للكافرين فقال { لكن الذين اتقوا ربهم } يعني اتقوا معاصيه { لهم غرف من فوقها غرف مبنية } في مقابلة ما قال للكافرين لهم من فوقهم ظلل من النار ، ومن تحتهم ظلل لأنها تنقلب عليهم . وقيل : المعنى لهم منازل رفيعة في الجنة وفوقها منازل ارفع منها ، فللمؤمنين الغرف { تجري من تحتها الأنهار } وتقديره تجري من تحت اشجارها الأنهار ، ثم بين تعالى أن الذي ذكره من ثواب المؤمن { وعد } من { الله } وعد به المؤمن { لا يخلف الله الميعاد } أي لا يخلف الله وعده ولا يكون بخلاف ما اخبر به ، ونصب { وعد الله } على المصدر .