Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 105-106)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى : خاطب الله بهذه الآية نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : { إنا أنزلنا إليك } يا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) { الكتاب } يعني القرآن { بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله } يعني بما أعلمك الله في كتابه { ولا تكن للخائنين خصيماً } نهاه أن يكون لمن خان مسلماً أو معاهداً في نفسه أو ماله خصيماً يخاصم عنه ، ويدفع من طالبه عنه بحقه الذي خانه فيه . ثم أمره بأن يستغفر الله في مخاصمته عن الخائن مال غيره { إن الله كان غفوراً رحيماً } يصفح عن ذنوب عباده ويسترها عليهم ، ويترك مؤآخذتهم بها . وعندنا أن الخطاب وإن توجه إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من حيث خاصم من رآه على ظاهر الايمان والعدالة ، وكان في الباطن بخلافه فلم يكن ذلك معصية ، لأنه ( ع ) منزه عن القبائح فانما ذكر ذلك على وجه التأديب له في أن لا يبادر فيخاصم ويدفع عن خصم إلا بعد أن يبين الحق منه . والمراد بذلك امته عليه السلام . على أنا لا نعلم أن ماروي في هذا الباب وقع من النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، لأن طريقه الآحاد ، وليس توجه النهي إليه بدال على أنه وقع منه ذلك المنهي قال { لئن أشركت ليحبطن عملك } ولا يدل ذلك على وقوع الشرك منه . وقال قوم من المفسرين : انه لم يخاصم عن الخصم وإنما هم به فعاتبه الله على ذلك . القصة والنزول : والآية نزلت في بني أبيرق كانوا ثلاثة أخوة بشر وبشير ومبشر وكان بشر يكنى أبا طعمة فنقبوا على عم قتادة بن النعمان وأخذوا له طعاماً وسيفاً ، ودرعاً فشكى ذلك إلى ابن أخيه قتادة وكان قتادة بدريا فجاء إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فذكر له القصة ، وكان معهم في الدار رجل يقال له لبيد بن سهل وكان فقيراً شجاعاً مؤمناً ، فقال بنو ابيرق لقتادة هذا عمل لبيد بن سهل ، فبلغ لبيداً ذلك ، فاخذ سيفه وخرج إليهم . وقال يا بني ابيرق أترموني بالسرق وأنتم أولى به مني ، وأنتم المنافقون تهجون رسول الله وتنسبون إلى قريش لتبنين ذلك أو لأضعن سيفي فيكم فداروه . وقالوا : ارجع رحمك الله فانت بريء من ذلك . وبلغهم ان قتادة مضى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فمشوا إلى رجل من رهطهم يقال له أسير بن عروة ، وكان منطيقاً لسناً فأخبروه ، فمشى أسير إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في جماعة ، فقال : يا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إن قتادة بن النعمان رمى جماعة من أهل الحسب منا بالسرق واتهمهم بما ليس فيهم وجاء قتادة إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فأقبل عليه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وقال عمدت إلى أهل بيت حسب ونسب رميتهم بالسرق وعاتبه فاغتم قتادة ورجع إلى عمه ، فقال : ليتني مت ولم أكن كلمت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقد قال لي ما كرهت ، فقال عمه الله المستعان ، فنزلت هذه الآية { ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرمي به بريئاً } يعني لبيد بن سهل حين رماه بنو ابيرق بالسرق { فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً } إلى قوله : { وكان فضل الله عليك عظيماً } فبلغ ذلك بني ابيرق فخرجوا من المدينة ، ولحقوا بمكة وارتدوا فلم يزالوا بمكة مع قريش فلما فتح مكة هربوا إلى الشام فانزل الله فيهم { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى } إلى آخر الآيات . ولما مضى إلى مكة نزل على سلامة بنت سعد ابن شهيد امرأة من الانصار كانت ناكحاً في بني عبد الدار بمكة فهجاها حسان ، فقال : @ وقد أنزلته بنت سعد وأصبحت ينازعها جلد استها وتنازعه ظننتم بأن يخفي الذي قد صنعتم وفينا نبي عنده الوحي واضعه @@ فحملت رحله على رأسها وألقته بالابطح وقالت . ما كنت تأتيني بخير أهديت إلي شعر حسان . ونزل فيه قوله : { ومن يشاقق الرسول } هذا قول مجاهد ، وقتادة بن النعمان ، وابن زيد ، وعكرمة ، إلا أن قتادة ، وابن زيد ، وعكرمة قالوا : إن بني ابيرق طرحوا ذلك على يهودي يقال له زيد بن السمين ، فجاء اليهودي إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وبمثله قال ابن عباس . وقال ابن جريج : هذه الآيات كلها نزلت في أبي طعمة بن أبي ابيرق إلى قوله : { إن الله لا يغفر أن يشرك به . ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } وقال : رمى بالدرع في دار أبي مليك ابن عبد الله الخزرجي فلما نزل القرآن لحق بقريش ، وقال الضحاك : نزلت في رجل من الانصار استودع درعاً فجحد صاحبها فخونه رجال من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فغضب له قوم فأتوا نبي الله ، فقالوا : أخونوا صاحباً ، وهو أمين مسلم ؟ فعذره النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وكذب عنه . وهو يرى أنه يريء مكذوب عليه ، فأنزل الله فيه الآيات . واختار الطبري هذا الوجه وقال : لأن الخيانة إنما تكون في الوديعة فأما السارق فلا يسمى خائناً فحمله عليه أولى وكل ذلك جائز .