Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 140-140)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ عاصم ويعقون { وقد نزل } بفتح النون والزاي وتشديده . الباقون بضم النون وكسر الزاي والمنزل في الكتاب . قوله تعالى : { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره إلى قوله … الظالمين } اعلم الله تعالى في هذه الآية المؤمنين ان المنافقين يهزءون بكتاب الله الذي هو القرآن ، وأمرهم ان لا يقعدوا معهم حتى يخوضوا ، يعني يأخذوا في حديث غير القرآن ، ثم قال : انكم ان جالستموهم على الخوض في كتاب الله والهزء به ، فانتم مثلهم ، وانما حكم بانهم مثلهم متى رضوا بما هم فيه ، ولم ينكروا عليهم مع القدرة على الانكار ، ولم يظهروا كراهية ، فانهم متى كانوا راضين بالكفر ، كانوا كفاراً ، لان الرضاء بالكفر كفر . وفي الآية دلالة على وجوب انكار المنكر مع القدرة على ذلك ، وزوال العذر عنه . وإن من ترك ذلك مع القدرة عليه كان مخطئاً آثماً . وكذلك فيها دلالة على انه لا يجوز مجالسة الفساق ، والمبتدعين من اي نوع كان . وبه قال جماعة من المفسرين . ذهب اليه ابو وائل ، وابراهيم وعبد الله . وقال ابراهيم : من ذلك إذا تكلم الرجل في مجلس بكذب ، يضحك منه جلساؤه ، فسخط الله عليهم . وبه قال عمر بن عبد العزيز وقيل : إنه ضرب صائماً كان قاعداً مع قوم يشربون الخمر . وقال ابن عباس : امر الله بذلك الانفاق ، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة ، والمراء والخصومة . وبه قال الطبري والجبائي والبلخي وجماعة من المفسرين . قال ابو علي الجبائي : اما الكون بالقرب منهم بحيث يسمع صوتهم ولا يقدر على انكاره ، فليس بمحظور ، وانما المحظور مجالستهم من غير اظهار كراهية ما سمعه أو يراه . وقوله : { إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً } ومعناه ان الله يجمع الفريقين من اهل الكفر ، والنفاق في القيامة في النار . والعقوبة فيها كما اتفقوا في الدنيا على عداوة المؤمنين ، والمؤازرة عليهم . قال الجبائي : في الآية دلالة على بطلان قول الاصم ، ونفاة الاعراض وقولهم : انه ليس ها هنا غير الاجسام ، لانه قال : { حتى يخوضوا في حديث غيره } فاثبت غيراً لما كانوا فيه . وذلك هو العرض .