Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 176-176)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
[ النزول ] : روى البراء بن عازب قال : آخر سورة نزلت كاملة براءة . وآخر آية نزلت خاتمة سورة النساء { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } وقال جابر بن عبد الله : نزلت في المدينة وقال ابن سيرين : نزلت في مسير كان فيه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) واصحابه . واختلفوا في سبب نزول هذه الآية فقال سعيد بن المسيب : سأل عمر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن الكلالة ، فقال : اليس قد بين الله ذلك ؟ قال : فنزلت { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } وقال جابر بن عبد الله : اشتكيت وعندي تسع اخوات لي أو سبع ، فدخل عليّ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فنفخ في وجهي ، فافقت . فقلت : يا رسول الله ألا أوصي لأخواتي بالثلثين ؟ قال : " أحسن " قلت : الشطر . قال : " احسن " ، ثم خرج وتركني ، ورجع الي فقال : " يا جابر اني لا اراك ميتاً من وجعك هذا ، وان الله عز وجل قد أنزل في الذي لاخواتك فجعل لهن الثلثين " قال : وكان جابر يقول : نزلت هذه الآية فيّ . وقال قتادة : ان اصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) همهم شأن الكلالة ، فانزل الله ( عز وجل ) ، فيها هذه الآية . [ المعنى ] : معنى يستفتونك يسألونك يا محمد ان تفتيهم في الكلالة . وحذف اقتصاراً لما دل الجواب عليه . والاستفتاء والاستقضاء واحد يقال : قاضيته وفاتيته . قال الشاعر : @ تعالوا نفاتيكم أأعيا وفقعس إلى المجد أدنى ام عشيرة حاتم @@ هكذا انشده الحسين بن علي المغربي . وقد فسرنا معنى الكلالة وذكرنا اختلاف العلماء في ذلك فأغنى عن الاعادة . وقوله : { إن امروء هلك ليس له ولد } قال السدي : معناه مات ليس له ولد ذكر وانثى ، { وله أخت } يعني وللميت اخت لأبيه وامه ، فلها نصف ما ترك ، فان لم يكن أخت لاب وأم ، ، وكانت اختاً لاب قامت مقامها ، والباقي عندنا رد على الاخت سواء كان هناك عصبة ، او لم يكن . وقال جميع الفقهاء : إن الباقي للعصبة ، وإن لم يكن هناك عصبة ، وهم العم وبنو العم ، واولاد الاخ . قال فمن قال : الرد على ذوي الارحام ، رد على الاخت الباقي وهو اختيار الجبائي ، وأكثر اهل العلم . وقال زيد بن ثابت ، والشافعي وجماعة : إن الباقي لبيت المال يرثه جميع المسلمين . وقوله : { وهو يرثها إن لم يكن لها ولد } يعني إن كانت الأخت هي الميتة ، ولها أخ من أب وأم ، أو من اب فالمال كله له بلا خلاف إذا لم يكن هناك ولد ، سواء كان ولدها ذكراً ، أو انثى ، فان كان ولدها ذكراً ، فالمال له بلا خلاف ويسقط الاخ ، وإن كانت بنتاً كان لها النصف بالتسمية بلا خلاف والباقي رد عليها ، لانها اقرب دون الأخ ، ولأن الله ( تعالى ) انما قال : { وهو يرثها } يعني الاخ إذا لم يكن لها ولد . والبنت [ ولد ] بلا خلاف ومن خالف في تسمية البنت ولداً فقد اخطأ . ذكر ذلك البلخي واستدل على ذلك بان قال : لو مات وخلف بنتاً وأبوين إن للابوين الثلث ، مع قوله : { ولأبويه لكل واحد منهما السدس إن كان له ولد } وإنما أراد الولد الذكر . وهذا الذي ذكره خطأ ، لانه خلاف لاهل اللغة . لانه لا خلاف في تسمية البنت بانها ولد ، ولانه قال : { يوصيكم الله في أولادكم } ثم فسر الاولاد فقال : { للذكر مثل حظ الأنثيين } فلو كان الولد لا يقع على الانثى ، لكان المال بينهم بالسوية ، وذلك خلاف القرآن . على انا نخالف في المسألة التي ذكرها ، فنقول للابوين السدسان ، وللبنت النصف والباقي رد عليهم على قدر سهامهم ، فنجعل الفريضة من خمسة ومن رد الباقي على الأب فانما يرده بالتعصيب ، لا لان البنت لا تسمى ولداً ، فبان بطلان ما قاله . ومن خالفنا من الفقهاء في مسألة الأخ والبنت ، يقول : الباقي للاخ ، لقوله ( ع ) : ( ما ابقت الفرائض فلا ولي عصبته ) ذكر هذا الخبر عندنا ضعيف ، لانه أولا خبر واحد . وقد طعن على صحته . ضعفه أصحاب الحديث بما ذكرناه في مسائل الخلاف ، وتهذيب الاحكام ، وغير ذلك من كتبنا . وما هذه صفته لا يترك له ظاهر القران . وقوله : { فإن كانتا إثنتين } يعني ان كانت الأختان اثنتين ، فلهما الثلثان . وهذا لا خلاف فيه والباقي على ما بيناه من الخلاف في الأخت الواحدة . عندنا ، رد عليها دون عصبتها ، ودون ذوي الأرحام ، وإذا كان هناك عصبة ، رد الفقهاء الباقي عليهم ، وإن لم يكن رد على ذوي الارحام . من قال بذلك فرد على الأختين ، لانهما أقرب ، ومن لم يقل بذلك رد على بيت المال . فان كانت احدى الاختين لاب وام ، والاخرى لاب ، فللاخت للاب والام النصف ، بلا خلاف . والباقي رد عليها عندنا ، لانها تجمع السببين ولا شيء للاخت للاب ، لانها انفردت بسبب واحد وعند الفقهاء لها السدس تكملة الثلثين والباقي على ما بيناه من الخلاف ، وإن كانوا أخوة رجالا ونساء يعني يكون الورثة أخوة رجالا ونساء للاب ، والام ، أو للاب فللذكر مثل حظ الانثيين . بلا خلاف فان كان الذكور منهم للاب والام والاناث للاب ، انفرد الذكور بجميع المال بلا خلاف . وإن كان الاناث للاب والام والذكور للاب كان للاناث الثلثان ما سمي بلا خلاف والباقي عندنا ، رد عليهن لما بيناه من اجتماع السببين لهن . وعند جميع الفقهاء ان الباقي للاخوة من الأب ، لانهم عصبة . وقد قلنا ما عندنا في خبر العصبة ويمكن ان يحمل خبر العصبة مع تسليمه على من مات ، وخلف زوجاً أو زوجة وأخا لاب وأم ، وأخاً للاب أو ابن اخ لاب وأم ، أو ابن أخ لأب أو ابن عمّ لاب وامّ ، وابن عمّ لاب فان للزوج سهمه المسمى والباقي لمن يجمع كلالة الاب والام دون من يتفرد بكلالة الاب . وقوله : { يبين الله لكم أن تضلوا } قال الفراء : معناه لئلا تضلوا . قال القطامي : @ رأينا ما رأى البصراء فيها فآلينا عليها ان تباعا @@ والمعنى الاتباعا . وقال الزجاج والبصريون : لا يجوز إضمار لا . والمعنى يبين الله لكم كراهة أن تضلوا . وحذف كراهة ، لدلالة الكلام عليه . قالوا : وانما جاز الحذف في قوله : { وسل القرية } والمعنى وسل اهل القرية ، لانه بقي المضاف فدل على المحذوف . فاما حذف ( لا ) وهى حرف جاء لمعنى النفي ، فلا يجوز ، لكن قد تدخل في الكلام مؤكدة وهي لغو كقوله : { لئلا يعلم أهل الكتاب } والمراد لئن يعلم . ومثله قول الشاعر : @ وما الوم البيض الا تسخراً إذا راين الشمط القفندرا @@ والمعنى وما الوم البيض ان تسخر ومثله قوله : { لا أقسم بهذا البلد } { ولا أقسم بيوم القيامة } والمعنى أقسم . ولا يجوز على القياس على ذلك أن تقول : لا أخلف عليك وتريد أخلف عليك ، لان ( لا ) إنما تلغى إذا مضى صدر الكلام على غير النفي ، فاذا بنيت الكلام على النفي ، فقد نقضت الايجاب وانما جاز الغاء ( لا ) في اول السورة ، لان القرآن كله كالسورة الواحدة ألا ترى أن جواب الشيء فيه يقع وبينهما سور ؟ كما قال تعالى جواباً لقوله : { وقالوا يا أيها الذين نزل عليه الذكر إنك لمجنون } فقال : { نون والقلم وما يسطرون . ما أنت بنعمة ربك بمجنون } وبينهما سور كثيرة . ذكره الزجاج . وقوله : { إن امرؤ هلك } قال الفراء { هلك } في موضع جزم . ومثله قوله : { وإن واحدٌ من المشركين استجارك } ولو كان موضعها يفعل كان جزماً . وقال الزجاج : جاز مع ان تقديم الاسم قبل الفعل ، لانّ ( ان ) لا تعمل في الماضي ، ولانها ( ام ) في الجزاء قال : والتقدير ان هلك امرؤ هلك . وانشد الفراء : @ صعدة قد نبتت في حائر اينما الريح تميلها تمل @@ فجزم تميلها . وقد حال بينها وبين اينما بالاسم وهو الريح . وقال عمر : سألت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن الكلالة ، فقال : " ألم تسمع الآية التي انزلت في الصيف . وفي خبر آخر - تكفيك آية الصيف " . وقوله : { امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك } يمنع أن يكون الاخت ترث مع البنت ، لانه شرط في ميراثها عدم الولد . والبنت ولد بلا خلاف بين أهل اللغة . وما روي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أن الاخوات مع البنات عصبة خبر واحد ، لا يلتفت اليه ، لأنه يخالف نص القرآن . وبما قلناه قال ابن عباس ، لانه لم يجعل الاخوات مع البنات عصبة . وموضع ( ان ) في قوله { أن تضلوا } نصب في قول الاكثر ، لاتصالها بالفعل وفي قول الكسائي : خفض ، لان تقديره عنده لئلا تتولوا ، فان قيل : ما وجه قوله : { اثنتين } مع أن قوله : { فإن كانتا } قد دل على الثنتين ؟ قيل : يحتمل امرين : احدهما - ان يكون ذلك تاكيداً للمضمر يقول القائل : فعلت أنا . والثاني - ان يبين بذلك ان المطلوب في ذلك العدد ، لا غيره من الصفات من صغر او كبر أو عقل أو عدمه ، وغير ذلك من الصفات ، بل متى جعل العدد ثبت ما ذكره من الميراث . وقوله : { والله بكل شيء عليم } معناه عالم بكل شيء من مصالح عباده في قسمته مواريثهم ، وغيرها من جميع الاشياء ، لا يخفى عليه شيء من جميعه .