Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 36-36)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : هذا خطاب لجميع المكلفين ، أمرهم الله بأن يعبدوه وحده ، ولا يشركوا بعبادته شيئاً سواه { وبالوالدين إحساناً } نصب على المصدر ، وتقديره : وأحسنوا إلى الوالدين إحساناً ، ويحتمل أن يكون نصباً على تقدير : واستوصوا بالوالدين إحساناً ، لأن قوله : " اعبدوا الله " بمنزلة استوصوا بعبادة الله ، وأن تحسنوا إلى ذي قرباكم ، وإلى اليتامى الذين لا أب لهم ، والمساكين وهم الفقراء ، والجار ذي القربي ، يعني الجار القريب . اللغة : وأصل الجار العدول ، جاوره مجاورة وجواراً ، فهو مجاور له وجار له ، لعدوله إلى ناحيته في مسكنه ، والجور الظلم ، لأنه عدول عن الحق ، ومنه جار السهم إذا عدل عن قصده ، وجار عن الطريق إذا عدل عنه ، واستجار بالله ، لأنه يسأله العدول به عن النار ، وجواز الذمة ، لأنه عدول بها إلى ناحية صاحبها . { والجار الجنب } أصل الجنب التنحية ، جنبت فلاناً عن كذا فتجنب أي نحيته ، ومنه قوله : { وأجنبني وبنيَّ أن نعبد الأصنام } والجانبان الناحيتان ، لتنحي كل واحدة عن الأخرى ، ومنه جنب الانسان وكل حيوان ، والاجتناب الترك للشيء ، والجار الجنب معناه الغريب الأجنبي ، لتنحيه عن القرابة ، قال علقمة بن عبدة : @ فلا تحرمني نائلا عن جنابة فاني امرؤ وسط القباب غريب @@ أي عن غربة . وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، وابن زيد : الجار ذي القربى القريب في النسب ، والجار الجنب : الغريب ، أي عن غربة . وروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " الجيران ثلاثة ، جار له ثلاثة حقوق : حق الجوار ، وحق القرابة ، وحق الاسلام . وجار له حقان : حق الجوار ، وحق الاسلام . وجار له حق الجوار ، المشرك من أهل الكتاب " . المعنى واللغة : { والصاحب بالجنب } قيل في معناه ثلاثة أقوال : أحدها - قال ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي ، والضحاك : هو الرفيق . الثاني - قال عبد الله بن مسعود ، وعلي ( ع ) وابراهيم ، وابن أبي ليلى : الزوجة . الثالث - قال ابن زيد ، وابن عباس ، ، في رواية أخرى عنه : إنه المنقطع اليك رجاء رفدك . وقيل إنه جميع هؤلاء ، وهو أعم فائدة . وقال الزجاج . الجار ذي القربى الذي يقاربك ويعرفك وتعرفه ، والجار الجنب البعيد . وروي أن حد الجوار إلى أربعين داراً . وروي إلى أربعين ذراعاً . { وابن السبيل } معناه صاحب الطريق ، وقيل في المراد به ها هنا قولان : أحدهما - قال مجاهد ، والربيع : إنه المسافر . الثاني - قال قتادة ، والضحاك : انه الضيف ، وقال أصحابنا : يدخل فيه الفريقان . { وما ملكت أيمانكم } يعني المماليك من العبيد والاماء ، أمر الله بالاحسان إلى هؤلاء أجمع . وقوله : { إن الله لا يحب من كان مختالاً } فالمختال الصلف التياه ، والاختيال هو التطاول ، وإنما ذكره الله ها هنا وذمه ، لأنه أراد بذلك من يختال فيأنف من قراباته وجيرانه إذا كانوا فقراء ، لكبره وتطاوله ، فأما الاختيال في الحرب فممدوح ، لأن في ذلك تطاولا على العدو واستخفافاً به . وأصل المختال من التخيل ، وهو التصور ، فالمختال لأنه يتخيل بحاله مرح البطر ، ومنه الخيل ، لأنها تختال في مشيها ، أي تتبختر ، والخيال ، لأنه يتخيل به صاحبه ، والأخيل الشقراق ، لأنه يتخيل في لونه الخضرة من غير خلوصها ، والخول الحشم ، وخلته راكباً خيلاناً أي تخيلته ، والخال المختال ، والخال أخ الأم ، " والفخور " هو الذي يعدد مناقبه كبراً وتطاولا ، وأما الذي يعددها اعترافا بالنعم فيها فهو شكور غير فخور . وروي عن المفضل عن عاصم أنه قرأ : { والجار الجنب } - بفتح الجيم - قال أبو الحسن : هو لغة في الجنب ، قال الراجز : @ الناس جنب والامير جنب @@ يعني ناحية : قال أبو علي الفارسي : يحتمل أمرين : أحدهما - أن يريد الناحية ، والتقدير : ذي الجنب ، فحذف المضاف ، لأن المعنى مفهوم ، لأن الناحية لا تكون هي الجار . والثاني - أن يكون وصفاً ، مثل : ضرب وندب وفسل ، فهذا وصف جرى على موصوف .