Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 31-35)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير وابو عمرو { سقفاً } على التوحيد - بفتح السين - الباقون { سقفاً } بضم السين والقاف - على الجمع - وقرأ حمزة والكسائي { لما متاع الحياة الدنيا } مشددة الميم . الباقون خفيفة . من شدد الميم جعل ( لما ) بمعنى ( إلا ) ومن خفف جعل ( ما ) صلة إلا ابن عامر فانه خفف وشدد . قال ابو علي : من خفف جعل ( إن ) المخففة من الثقيلة وأدخل اللام للفصل بين النفي والايجاب ، كقوله { وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين } ومن نصب بها مخففة ، فقال إن زيداً منطلق استغنى عن اللام ، لأن النافية لا ينتصب بعدها الاسم ، و ( ما ) زائدة . والمعنى : وإن كل ذلك لمتاع الحياة . حكى الله عن هؤلاء الكفار الذين حكى عنهم أنهم قالوا لما جاءهم الحق الذي هو القرآن { لولا نزل } إن كان حقاً { على رجل من القريتين عظيم } يعني بالقريتين مكة والطائف ، ويعنون بالرجل العظيم من احد القريتين - فى قول ابن عباس - الوليد ابن المغيرة المخزومي القرشي من أهل مكة ، أو حبيب بن عمرو ابن عمير من الطائف ، وهو الثقفي . وقال مجاهد : يعني بالذي من أهل مكة عقبة بن ربيعة ، والذي من اهل الطائف ابن عبد باليل . وقال قتادة : الذى من أهل مكة يريدون الوليد ابن المغيرة ، والذى من اهل الطائف عروة بن مسعود الثقفي . وقال السدى : الذى من أهل الطائف كنانة بن عمرو . وإنما قالوا ذلك لأن الرجلين كانا عظيمي قومهما ، وذوى الأموال الجسيمة فيهما ، فدخلت الشبهة عليهم فاعتقدوا أن من كان كذلك كان أولى بالنبوة . وهذا غلط لان الله تعالى يقسم الرحمة بالنبوة كما يقسم الرزق في المعيشة على حسب ما يعلم من مصالح عباده فليس لأحد ان يتحكم في شيء من ذلك . فقال تعالى على وجه الانكار عليهم والتهجين لقولهم { أهم يقسمون رحمة ربك } أى ليس لهم ذلك بل ذلك اليه تعالى . ثم قال تعالى { نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً } وقيل : الوجه في إختلاف الرزق بين الخلق في الضيق والسعة زيادة على ما فيه من المصلحة إن في ذلك تسخير بعض العباد لبعض باحواجهم اليهم ، لما فى ذلك من الأحوال التي تدعو إلى طلب الرّفعة وارتباط النعمة ولما فيه من الاعتبار بحال الغنى والحاجة ، وما فيه من صحة التكليف على المثوبة . ثم قال تعالى { ورحمة ربك خير مما يجمعون } يعني رحمة الله ونعمه من الثواب في الجنة خير مما يجمعه هؤلاء الكفار من حطام الدنيا . ثم اخبر تعالى عن هوان الدنيا عليه وقلة مقدارها عنده بأن قال { ولولا أن يكون الناس أمة واحدة } أي لولا انهم يصيرون كلهم كفاراً { لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون } استحقاراً للدنيا وقلة مقدارها ولكن لا يفعل ذلك ، لانه يكون مفسدة . والله تعالى لا يفعل ما فيه مفسدة . ثم زاد على ذلك وكنا نجعل لبيوتهم على كون سقفهم من فضة معارج ، والسقف بالضم سقف مثل رهن ورهن . وقال مجاهد : كل شيء من السماء فهو سقف ، وكل شيء من البيوت فهو سقف بضمتين ، ومنه قوله { وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً } قال الفراء قوله { لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً } يحتمل أن تكون اللام الثانية مؤكدة للاولى ، ويحتمل أن تكون الثانية بمعنى ( على ) كأنه قال لجعلنا لمن يكفر بالرحمن على بيوتهم سقفاً ، كما تقول : جعلنا لك لقومك العطاء أي جعلته لاجلك { ولبيوتهم أبواباً وسرراً } جمع سرير { عليها يتكؤن } من فضة ايضاً وحذف لدلالة الكلام عليها . وقوله { وزخرفاً } قال ابن عباس : هو الذهب . وبه قال الحسن وقتادة والضحاك . وقال ابن زيد : هو الفرش ومتاع البيت ، والمزخرف المزين . وقال الحسن المزخرف المنقوش والسقف جمع سقوف كرهون ورهن . وقيل : هو جمع سقف ولا نظير له والأول أولى ، لانه على وزن زبور وزبر . والمعارج الدرج - فى قول ابن عباس وقتادة - وهي المراقي قال جندب بن المثنى : @ يا رب رب البيت ذي المعارج @@ { ومعارج } درجا { عليها يظهرون } أي يصعدون . وقال ابن عباس والحسن وقتادة والسدي لولا ان يكون الناس أمة واحدة أي يجتمعون كلهم على الكفر . وقال ابن زيد : معناه يصيرون كلهم أمة واحدة على طلب الدنيا . ثم قال { وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا } معناه ليس كل ذلك يعني ما ذكره من الذهب والفضة والزخرف إلا متاع الحياة الدنيا الذي ينتفع به قليلا ثم يفنى وينقطع . ثم قال { والآخرة } أي العاقبة { عند ربك } الثواب الدائم { للمتقين } الذين يتقون معاصيه ويفعلون طاعاته فصار كل عمل ما للدنيا صغير بالاضافة إلى ما يعمل للاخرة ، لأن ما يعمل للدنيا منقطع وما يعمل للآخرة دائم .