Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 1-6)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ست آيات في الكوفي وخمس فى الباقين . قد بينا معنى ( حم ) في ما مضى وإختلاف الناس فيه وان أقوى الوجوه انه اسم للسورة . وإنما كرر ذكر ( حم ) لانه ينبىء عن استفتاح السورة بذكر الكتاب على وجه التعظيم إذ على ذلك جميع الحواميم ، فهو اسم علم للسورة مضمن بمعنى الصفة من وجهين : احدهما - انها من الحروف العربية . والآخر أنه استفتحت بذكر الكتاب على طريق المدحة . وقوله { والكتاب المبين } فالمراد بالكتاب القرآن ، وجره بأنه قسم . وقال قوم : تقديره ورب الكتاب المبين ، وإنما أقسم به لينبىء عن تعظيمه . لان القسم يؤكد الخبر بذكر المعظم منعقداً بما يوجب أنه حق كما أن تعظيمه حق . وإنما وصف بأنه مبين وهو بيان مبالغة فى وصفه بأنه بمنزلة الناطق بالحكم الذي فيه من غير أن يحتاج إلى استخراج الحكم من مبين غيره ، لأنه يكون من البيان ما لا يقوم بنفسه دون مبين حتى يظهر المعنى فيه . وقوله { إنا أنزلناه في ليلة مباركة } إخبار منه تعالى أنه انزل القرآن في الليلة المباركة ، وهي ليلة القدر - فى قول قتادة وابن زيد - وقال قوم : هي ليلة النصف من شعبان . والأول أصح لقوله تعالى { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } وقيل هي فى كل شهر رمضان فيها تقسم الآجال والأرزاق وغيرهما من الألطاف - فى قول الحسن - وقيل : انزل إلى السماء الدنيا فى ليلة القدر . ثم انزل نجوماً على النبي صلى الله عليه وآله وقيل ينزل فى ليلة القدر قدر ما يحتاج اليه فى تلك السنة . وقيل المعنى إن ابتداء انزاله فى ليلة مباركة ، ووصفها . بأنها مباركة لان فيها يقسم الله تعالى نعمه على عباده من السنة إلى السنة . والبركة نماء الخير ، وضده الشؤم وهو نماء الشر ، فالليلة التي انزل فيها كتاب الله مباركة ، فان الخير ينمى فيها على ما دبره الله لها من علو الخير الذي قسمه فيها . وقوله { إنا كنا منذرين } فالانذار الاعلام بموضع الخوف ليتقى وموضع الأمن ليرتجى ، فالله تعالى قد انذر العباد بأتم الانذار من طريق العقل والسمع وقوله { فيها يفرق كل أمر حكيم } فحكيم - هٰهنا - بمعنى محكم ، وهو ما بيناه من انه تعالى يقسم فى هذه الليلة الآجال والارزاق وغيرها . وقوله { أمراً من عندنا } يحتمل أن يكون نصباً على الحال ، وتقديره انزلناه آمرين . ويحتمل أن يكون على المصدر وتقديره يفرق كل أمر فرقاً ، ووضع امراً موضعه . وقوله { إنا كنا مرسلين } اخبار منه تعالى انه يرسل الرسل { رحمة } أي نعمة . ونصبه على المصدر واختار الأخفش النصب على الحال أي انزلناه آمرين راحمين . ويجوز ان يكون نصباً على انه مفعول له أي انزلناه للرحمة . وسميت النعمة رحمة ، لانها بمنزلة ما يبعث على فعله رقة القلب على صاحبه ومع داعي الحكمة إلى الاحسان اليه يؤكد أمره . وقوله { إنه هو السميع العليم } معناه إنه يسمع ما يقوله خلقه من المبطلين والمحقين فيجيب كلا منهم على ما يعلمه من مصلحته من إرساله الرسل اليه وإنعامه عليه