Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 49, Ayat: 16-18)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن كثير وحده { بما يعملون } بالياء على الغيبة . الباقون بالتاء على الخطاب . يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله { قل } لهؤلاء الكفار { أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم } فالتعليم تعريض من لا يعلم حتى يعلم بافهام المعنى او خلق العلم له في قلبه ، فعلى هذا لا يجوز ان يعلم العالم لنفسه الذي يعلم المعلومات كلها بنفسه ، ولا يحتاج إلى من يعلمه ولا إلى علم يعلم به ، كما انه من يكون قديماً بنفسه استغنى عن موجد يوجده ، وإنما يحتاج إلى التعليم من يجوز أن يعلم وألا يعلم ، ومن يخفى عليه شيء دون شيء ، ففي الآية دلالة على ان العالم بكل وجه لا يجوز ان يعلم . والمعني بالآية هم الذين ذكرهم في الآية الأولى وبين أنهم منافقون لقول الله لهم { أتعلمون الله بدينكم } إنا آمنا بالله وبرسوله ، وهو تعالى يعلم منكم خلاف ذلك من الكفر والنفاق ، فلفظه لفظ الاستفهام والمراد به الانكار . ثم خاطب نبيه صلى الله عليه وآله فقال { يمنون عليك أن أسلموا } فالمن القطع بايصال النفع الموجب للحق ، ومنه قوله { فلهم أجر غير ممنون } أي غير مقطوع ، ومنه قولهم : المنة تكدر الصنيعة وقيل : إذا كفرت النعمة حسنت المنة . ومن لا أحد إلا وهو محتاج اليه ، فليس في منه تكدير النعمة ، لان الحاجة لازمة لامتناع أن يستغنى عنه بغيره . واكثر المفسرين على ان الآية نزلت في المنافقين . وقال الحسن : نزلت في قوم من المسلمين قالوا : أسلمنا يا رسول الله قبل ان يسلم بنو فلان ، وقاتلنا معك بني فلان . وقال الفراء : نزلت في اعراب من بني أسد قدموا على النبي صلى الله عليه وآله بعيالاتهم طمعاً في الصدقة ، وكانوا يقولون أعطنا ، فانا أتيناك بالعيال والاثقال وجاءتك العرب على ظهور رواحلها ، فأنزل الله فيهم الآية . ثم قال { بل الله يمن عليكم } بانواع نعمه و { أن هداكم للإيمان } وارشدكم اليه بما نصب لكم من الأدلة عليه ورغبكم فيه { إن كنتم صادقين } في إيمانكم الذي تدعونه . ومتى كنتم صادقين يجب أن تعلموا ان المنة لله عليكم في إيمانكم ، لا لكم على الله ورسوله . وموضع { أن أسلموا } نصب بـ { يمنوا } وهو مفعول به . وقيل : موضعه الجر ، لأن تقديره بأن اسلموا . ثم قال إن الله يعلم غيب السموات والارض والله بصير بما يعملون من طاعة ومعصية وإيمان وكفر في باطن او ظاهر لا يخفى عليه شيء من ذلك .