Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 26-26)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه الآية إِخبار من الله ، وخطاب لموسى ( ع ) أن قومه قد حرم عليهم دخول بلد الجبارين أربعين سنة ، وفي كيفية التحريم قولان : أحدهما - قول أكثر المفسرين : أنه تحريم منع كما قال الشاعر : @ جالت لتصرعني فقلت لها اقصري اني امرؤ صرعي عليك محرم @@ يعني دابته التي هو راكبها ويريد بذلك إِني فارس لا يمكنك أن تصرعني . وقال أبو علي : يجوز أن يكون المراد به تحريم تعبد - والأول هو الأظهر - وقال البلخي : يجوز أن يكونوا أمروا بأن يطوفوا فيه أربعين سنة يتيهون في الأرض يعني في المسافة التي بينهم وبينها . وقال الربيع : وكان مقداره ستة فراسخ . وقال مجاهد ، والحسن : كانوا يصبحون حيث أمسوا . ويمسون حيث أصبحوا . وقال الحسن : لم يمت موسى ( ع ) في التيه . وروي عن ابن عباس أنه مات في التيه على علم منه فيه . وأما هارون فانه مات قبل موسى في التيه ، وكان أكبر من موسى . واستخلف موسى يوشع بعده . وقال : إِن الله بعثه نبياً . وفي دخوله أيضاً مدينة الجبارين خلاف . وأصل التيه التحير الذي لا يهتدى لأجله للخروج عن الطريق الى الغرض المقصود . وأصله الحيرة . يقال : تاه يتيه تيهاً : إِذا تحير . وتيهته ، وتوهته ، والياء أكثر . والتيهاء - من الارض - هي التي لا يهتدى فيها . يقال : أرض تيه وتيهاء . قال الشاعر : @ تيه أتاويه على السفاط @@ فان قيل : يجوز على جماعة - عقلا - كثيرين أن يسيروا في فراسخ يسيرة فلا يهتدوا للخروج منها ؟ قلنا عنه جوابان : أحدهما - قال أبو علي : يكون ذلك بأن تحول الأرض التي هم عليها إِذا ناموا فيردهم الى المكان الذي ابتدؤا منه . الثاني - أن يكون بالاشتباه . والاسباب المانعة من الخروج عنها إِما بأن يمحو العلامات التي يستدل بها أو بآن يلقى شبه بعضها على بعض ، ويكون ذلك معجزة خارقة للعادة . وقيل : إِن التيه كان عقوبة لهم بعدد الايام التي عبدوا فيها العجل عن كل يوم سنة . ومن قال هذا قال : لم يكن موسى وهارون فيها ، أو كانا فيها غير متوهين ، كما كان ابراهيم في نار نمرود غير متألم بها . وقوله : { أربعين سنة } نصبه يحتمل أمرين : أحدهما - على قول الربيع بـ { محرمة } حرمها عليهم أربعين سنة . والثاني - { يتيهون } على قول الحسن وقتادة ، لانهما قالا : إِنه ما دخلها أحد منهم . وقيل : انه دخلها يوشع بن نون وكالب بن يوفنا بعد موت موسى بشهرين . قالوا لانه لا خلاف بين المفسرين أن دخولها كان محرم عليهم على طريق التأييد . وإِنما دخلها أولادهم مع يوشع وكالب بن يوفنا . وقوله : { فلا تأس على القوم الفاسقين } خطاب لموسى ( ع ) أمره الله أن لا يحزن على هلاكهم لفسقهم . والاسى : الحزن يقال أسى يأسى أسى أي حزن قال امرؤ القيس : @ وقوفاً بها صحبي على مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجمل @@ وقال الزجاج : هو خطاب للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) .