Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 31-31)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ الحسن { يا ويلتي } مضاف ، وهما لغتان يقال يا ويلتا ويا ويلتي ذكره الأزهري . قيل : إِنه كان أول ميت من الناس فلذلك لم يدر كيف يواريه وكيف يدفنه حتى بعث الله غرابين أحدهما حي والآخر ميت ، وقيل كانا حيين فقتل أحدهما صاحبه ثم بحث الحي الأرض فدفن فيه الغراب الميت ، ففعل به مثل ذلك قابيل ، وهو قول ابن عباس وابن مسعود وابن مالك ومجاهد والضحاك وقتادة . وفي ذلك دلالة على فساد ما قال الحسن وأبو علي وأبو مسلم إِنهما كانا من بني اسرائيل ، لأنه لم يكن الناس الى زمان بني اسرائيل ، لا يدرون كيف يدفنون ميتهم ، قال الرماني ولا يجوز أن يكون الغراب مكلفاً ، لأن المعلوم من دعوة الرسول أن المكلفين هم الملائكة والانس والجن ، والمعلوم ضرورة أنه لا مطيع لله أحد إلا من هذه الثلاثة أصناف ، وأيضاً فقد بعث الله النبي ( صلى الله عليه وسلم ) الى كل مكلف سوى الملائكة ولا يقول أحد : إِنه مبعوث الى الغربان . ومعنى { فبعث الله غراباً } ألهمها ذلك . وقال الزجاج أكرم الله المقتول بأن بعث غراباً حثا عليه التراب ليريه كيف يواري سوأة أخيه . وقال قوم : كان ملكاً في صورة الغراب . وقال أبو علي يجوز أن يكون الغراب قد زاد الله في عقله ما عقل أمر الله لا على وجه التكليف كما نأمر صبياننا وأولادنا فيفهمون عنا . ومعنى { سوءة أخيه } قيل فيه قولان : أحدهما - قال أبو علي : إِنه جيفة أخيه ، لأنه كان تركه حتى أنتن فقيل لجيفته سوءة . وقال غيره : معناه عورة أخيه والظاهر يحتمل الأمرين . وأصل السوء التكره تقول ساءه يسوءه إِذا أتاه بما يكرهه . وروى الحسن عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) " أن الله ضرب لكم مثلاً ابني آدم فخذوا من خيرهما ودعوا شرهما " . وقوله { قال ويا ويلتا } فيه حذف لأن تقديره ليريه كيف يواري سوأة أخيه فواراه قال والقائل أخاه يا ويلتاه . وقال الزجاج الوقف في غير القرآن عليها يا ويلتاه ، والنداء لغير الآدميين نحو { يا حسرتا على العباد } و { يا ويلتا أألدُ وأنا عجوز } وقال يا ويلتا وإِنما وقع في كلام العرب على تنبيه المخاطب وان الوقت الذي يدعي هذه الأشياء هو وقتها . والمعنى يا ويلتا تعالي فانه من ابانك أي قوله : مني الويل وكذلك يا عجبا : المعنى يا أيها العجب هذا وقتك . وقال سيبويه : الويل كلمة تقال عند الهلكة . وقيل الويل وادٍ في جهنم وقوله { أعجزت } يقال عجزت عن الأمر أعجز عجزاً ومعجزة . وقوله { فأصبح من النادمين } قيل كانت توبته غير صحيحة ، لانها لو كانت صحيحة لاستحق عليها الثواب . وقال أبو علي : ندم على قتله على غير الوجه الذي يكون الندم توبة لانه ندم لانه لم ينتفع به وناله ضرر بسببه من أبيه واخوته . ولو كان على الوجه الصحيح لقبل الله توبته . وعلى مذهبنا كان يستحق الثواب لو كانت صحيحة ، وإِن لم يسقط العقاب .