Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 42-42)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ السحت - بضم السين والحاء - ابن كثير وأهل البصرة والكسائي وأبو جعفر ( ع ) الباقون باسكان الحاء . وقوله : { سماعون للكذب } وصف لهؤلاء اليهود الذين تقدم وصفهم . ورفعه كما رفع سماعون الأول سواء ، لانه صفة بعد صفة . وقد يجوز النصب في الموضعين على القطع لكن لم يقرأ به ، وقد فسرنا معنى الكذب . وقوله : { أكالون للسحت } معناه أنه يكثر أكلهم للسحت ، وهو الحرام . وروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " السحت الرشوة في الحكم " وفي السحت لغتان ضم الحاء وإِسكانها . وقد قرىء بهما على ما بيناه ، فالسحت اسم للشئ المسحوت وليس بمصدر ، والمصدر بفتح السين . وقال الحسن سمعوا كذبه وأكلوا رشوته . وقال ابن مسعود وقتادة وابراهيم ومجاهد والضحاك والسدي : السحت الرشى وروي عن علي ( ع ) أنه قال : ( السحت الرشوة في الحكم ومهر البغي وعسب الفحل ، وكسب الحجّام ، وثمن الكلب ، وثمن الخمر ، وثمن الميتة ، وحلوان الكاهن والاستعجال في المعصية ) . وروي عن ابي هريرة مثله . وقال مسروق سألت عبد الله عن الجور في الحكم قال : ذلك الكفر ، وعن السحت فقال الرجل يقضي لغيره الحاجة فيهدي له الهدية . وأصل السحت الاستئصال اسحت الرَّجل إِسحاتاً وهو أن يستأصل كل شئ يقال : سحته وأسحته اذا استأصله . وأذهبه . قال الفرزدق : @ وعض زمان يابن مروان لم يدع من المال إِلا مسحتاً أو مجلف @@ ويقال للحالق : اسحت أي استأصل ، ومنه قوله : { فيسحتكم بعذاب } أي يستأصلكم به وفلان مسحوت المعدة اذا كان أكولاً شرهاً . وقد اسحت ماله إِذا أفسده وأذهبه . ففي اشتقاق السحت أربعة أقوال : قال الزجاج لانه يعقب عذاب الاستئصال والبوار . وقال أبو علي هو حرام لا بركة فيه لأهله ، لأنه يهلك هلاك الاستئصال ، وقال الخليل هو القبيح الذي فيه العار نحو ثمن الكلب والخمر فعلى هذا يسحت مروَّة الانسان . وقال بعضهم حرام يحمل عليه الشره ، فهو كشره المسحوت المعدة . وقوله : { فإن جاؤك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } قال ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وابن شهاب : خيره الله تعالى في الحكم بين اليهود في زناء المحصن ، وفي رواية اخرى عن ابن عباس ، وقتادة ، وابن زيد أنه خيره في الحكم بينهم في قتيل قتل من اليهود . وكلا القولين قد رواه أصحابنا على ما قدمناه . وروي أن علياً ( ع ) دخل في بيت المال فأفرط فيه ثم قال لا أمسي وفيك درهم ثم أمر رجلا فقسمه بين الناس ، فقيل له لو عوضته شيئاً ، فقال إِن شاء لكنه سحت وفي اختيار الحكام ، والأئمة الحكم بين أهل الذمة إِذا احتكموا اليهم قولان : أحدهما - قال ابراهيم الشعبي وقتادة وعطاء والزجاج ، والطبري ، وهو المروي عن علي ( ع ) والظاهر في رواياتنا أنه حكم ثابت والتخيير حاصل . وقال الحسن وعكرمة ، ومجاهد ، والسدي ، والحكم ، وجعفر بن مبشر ، واختاره الجبائي : أنه منسوخ بقوله { وأن أحكم بينهم بما أنزل الله } فنسخ الاختيار وأوجب الحكم بينهم بالقسط ، وهو العدل يقال أقسط إِقساطاً إِذا عدل { إن الله يحب المقسطين } يعني العادلين ، وقسط يقسط قسوطاً اذا جار . ومنه قوله : { وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً } أي الجائرون وقوله : { وإِن تعرض عنهم فلن يضروك شيئاً } أي لا يقدرون لك على ضر في دين ، ولا دنياً ، فدع النظر ان شئت وإِن حكمت فاحكم بما أنزل الله .