Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 67-67)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر " رسالاته " على الجمع . الباقون " رسالته " على التوحيد . من قرأ على الجمع ذهب الى أن الأنبياء يبعثون بضروب الرسائل واختلاف العبادات . ومن وحد ، فلأنه يدل على الكثرة . قيل في سبب نزول هذه الاية أربعة أقوال : أحدها - قال محمد بن كعب القرطي ، وغيره : إِن اعرابياً هم بقتل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فسقط السيف من يده وجعل يضرب برأسه شجرة حتى انتثر دماغه . الثاني - أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان يهاب قريشاً فأزال الله - عز وجل - بالآية تلك الهيبة . وقيل كان للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) حراس بين أصحابه ، فلما نزلت الآية قال الحقوا بملاحقكم ، فان الله عصمني من الناس . الثالث - قالت عائشة إِن المراد بذلك إِزالة التوهم أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كتم شيئاً من الوحي للتقية . الرابع - قال أبو جعفر وأبو عبد الله ( عليهما السلام ) إِن الله تعالى : لما أوحى الى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أن يستخلف علياً كان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعاً له على القيام بما أمره بادائه . والآية فيها خطاب للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) وإِيجاب عليه تبليغ ما أنزل اليه من ربه وتهديد له إِن لم يفعل وانه يجري مجرى إِن لم يفعل ولم يبلغ رسالته . فان قيل كيف يجوز ذلك ؟ ولا يجوز أن يقول : إِن لم تبلغ رسالته فما بلغتها لأن ذلك معلوم لا فائدة فيه ! قلنا : قال ابن عباس : معناه إِن كتمت آية مما أنزل اليك فما بلغت رسالته والمعنى ان جريمته كجريمته لو لم يبلغ شيئاً مما أنزل اليه في انه يستحق به العقوبة من ربه . وقوله { والله يعصمك من الناس } معناه يمنعك أن ينالوك بسوء من فعل أو شر أو قهر . وأصله عصام القربة ، وهو وكاؤها الذي يشد به من سير أو خيط . قال الشاعر : @ وقلت عليكم مالكاً إِن مالكاً سيعصمكم إِن كان في الناس عاصم @@ أي سيمنعكم . وقوله تعالى { إن الله لا يهدي القوم الكافرين } قيل في معناه قولان : قال الجبائي : إِن الله لا يهدي الى الثواب والجنة الكافرين . وقال الرماني : معنى الهداية ها هنا المعونة بالتوفيق والألطاف الى الكفر بل إِنما يهديهم الى الايمان والثواب ، لأن من هداه الى غرضه فقد أعانه على بلوغه ، ولا يجوز أن يكون المراد به أنه لا يهديهم الى الايمان ، لأنه تعالى هداهم اليه بأن دلهم عليه ورغبهم فيه وحذرهم من خلافه . وفي الآية دلالة على صحة نبوة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من وجهين : أحدهما أنه لا يقدم على الاخبار بذلك محققاً إِلا من يأمن أن يكون مخبره على ما هو به ، لأنه لا داعي له الى ذلك غير الصدق . والثاني - أنه لما وقع مخبره على ما أخبر به فيه وفي نظائره دل على أنه من عند علام الغيوب . وحكى البلخي أن بعد قوله تعالى { والله يعصمك من الناس } لم يكن الكفار قادرين على قتل النبي ولا منهيون عن قتله ، لأن مع المنع لا يصح النهي عنه ، قال وإِنما هم منهيون عن أسباب القتل التي تقتل غالباً ، لأنهم كانوا قادرين عليها . قال ووجه آخر أنهم كانوا قادرين لكن علم أنهم لا يقتلونه . وأنه يحول بينهم وبين القتل . والأول لا يصح ، لأن القدرة على بعض الاجناس قدرة على كل جنس تتعلق القدرة بها .