Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 82-82)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قيل في سبب نزول هذه الآية قولان : أحدهما - قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعطاء والسدي : إِنها نزلت في النجاشي ملك الحبشة وأصحابه لما اسلموا . وقال قتادة : نزلت في قوم من أهل الكتاب كانوا على الحق متمسكين بشريعة عيسى ( ع ) فلما جاء محمد ( صلى الله عليه وآله ) آمنوا به . وقال مجاهد : نزلت في الذين جاءوا مع جعفر بن أبي طالب ( رحمه الله ) مسلمين واللام في قوله { لتجدن } لام القسم . والنون دخلت لتفصل بين الحال والاستقبال ، هذا مذهب الخليل ، وسيبويه وغيرهما . وقوله : { عداوة } منصرف منتصب على التمييز . وصف الله تعالى اليهود والمشركين بأنهم أشد الناس عداوة للمؤمنين ، لأن اليهود ظاهروا المشركين على المؤمنين مع أن المؤمنين يؤمنون بنبوة موسى والتوراة التي أتى بها ، فكان ينبغي أن يكونوا الى من وافقهم في الايمان بنبيهم وكتابهم أقرب . وظاهروا المشركين حسداً للنبي ( عليه السلام ) . وقوله : { ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إِنا نصارى } يعني الذين قدمنا ذكرهم - عن المفسرين . وقال الزجاج يجوز أن يكون أراد به النصارى ، لأنهم كانوا أقل مظاهرة للمشركين ، وبه قال الجبائي . وروي عن ابن عباس أنه قال : من زعم أنها في النصارى فقد كذب . وإِنما هم النصارى الأربعون الذين فاضت أعينهم حين قرأ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عليهم القرآن إِثنان وثلاثون من الحبشة ، وثمانية من أهل الشام . وسارعوا الى الاسلام ولم يسارع اليهود . والمودة هي المحبة إِذا كان معها ميل الطباع يقال : وددت الرجل أوده ودا ووداداً ومودة : إِذا أحببته وودته : إِذا تمنيته أوده وداً . ومنه قوله { ودوا لو تدهن فيدهنون } وقوله { ذلك بأن منهم قسيسين ورهبان } فالقسيسون العباد في قول ابن زيد والقس والقسيس واحد إِلا أنه قد صار كالعلم على رئيس من رؤساء النصارى في العبادة . ويجمع قسوساً وأصله في اللغة النميمة يقس قساً إِذا نم الحديث . قال رؤبة بن العجاج : @ يضحكن عن قس الاذى غوافلا لا جعبريات ولا طهاملا @@ الطهامل من النساء القباح . ومصدره القسوسة والقسيسة فالقس الذي ينم حاله بالاجتهاد في العبادة . والرهبان جمع راهب ، كراكب وركبان وفارس وفرسان . قال الشاعر : @ رهبان مدين لو رأوك تنزلوا والعصم من شعف العقول الفادر @@ وقيل : إِنه يكون واحداً ويجمع رهابين كقربان وقرابين ورهابنة أيضاً قال الشاعر : @ لو عاينت رهبان دير في القلل لاقبل الرهبان يمشي ونزل @@ وكل ذلك من الرهبة التي هي المخافة ورهب يرهب رهباً إِذا خاف والترهيب ضد الترغيب . وقوله { وإنهم لا يستكبرون } معناه إِن هؤلاء النصارى الذين آمنوا لا يستكبرون عن اتباع الحق والانقياد له كما استكبر اليهود وعباد الأوثان وانفوا من قبول الحق ، وأخبر الله تعالى في هذه الآية عن مجاوري النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من اليهود ، ومودة النجاشي وأصحابه الذين أسلموا معه من الحبشة لأن الهجرة كانت الى المدينة وبها اليهود والى الحبشة وبها النجاشي وأصحابه فأخبر عن عداوة هؤلاء ومودة اولئك .