Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 87-87)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا خطاب للمؤمنين خاصة نهاهم الله أن يحرموا طيبات ما أحل الله لهم . والتحريم هو العقد على ما لا يجوز فعله للعبد ، والتحليل حل ذلك العقد ، وذلك كتحريم السبت بالعقد على أهله ، فلا يجوز لهم العمل فيه ، وتحليله تحليل ذلك العقد بأنه يجوز لهم الآن العمل فيه . والطيبات اللذيذات التي تشتهيها النفوس وتميل اليها القلوب . ويقال : طيب بمعنى حلال . وتقول : يطيب له كذا أي يحل له ، ولا يليق ذلك بهذا الموضوع ، لأنه لا يقال : لا تحرموا حلال ما أحل الله لكم . والذي اقتضى ذكر النهي عن تحريم الطيبات - على ما قال ابن عباس ومجاهد وأبو مالك وقتادة وابراهيم - حال الرهبان الذين حرموا على أنفسهم المطاعم الطيبة والمشارب اللذيذة وحبسوا أنفسهم في الصوامع وساحوا في الأرض ، وحرموا النساء ، فهم قوم من الصحابة أن يفعلوا مثل ذلك ، فنهاهم الله عن ذلك . وقال أبو علي : نهوا أن يحرموا الحلال من الرزق بما يخلطه من الغصب . واختار الرماني الوجه الأول ، لأن أكثر المفسرين عليه . وقال السدي : نهاهم الله عما همَّ به عثمان بن مظعون من جب نفسه . وقال عكرمة : هو ما همت به الجماعة : من تحريم النساء والطعام واللباس والنوم . وقال الحسن : لا تعتدوا إلى ما حرم عليكم وهو أعم فائدة . والاعتداء مجاوزة حد الحكمة إلى ما نهى عنه الحكيم ، وزجر عنه إِما بالعقل أو السمع ، وهو تجاوز المرء ما له الى ما ليس له . وقوله { إن الله لا يحب المعتدين } معناه يبغضهم ويريد الانتقام منهم وانما ذكره على وجه النفي لدلالة هذا النفي على معنى الاثبات إِذ ذكر في صفة المعتدين ، وكأنه قيل يكفيهم في الهلاك ألا يحبهم الله .