Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 94-94)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا خطاب من الله تعالى للمؤمنين وقسم منه أنه يبلوهم بشىء من الصيد ، لأن اللام في قوله : { ليبونكم } لام القسم والواو مفتوحة لالتقاء الساكنين في قول بعضهم مثل ( واو ) اغزون . وأما واو { ليبونكم } قال سيبويه هي مبنية على الفتح . وقال الزجاج : فتحت واو { ليبلونكم } لأنها حرف الاعراب الذي تتعاقب عليه الحركات وضمت واو { لتبلون } لأنها واو الجمع ، فصح لالتقاء الساكنين نحو قوله { فلا تخشوا الناس واخشونِ } ومعنى { ليبلونكم } ليختبرن طاعتكم من معصيتكم { بشيء من الصيد } وأصله اظهار باطن الحال ومنه البلاء للنعمة لأنه يظهر به باطن حال المنعم عليه في الشكر ، والكفر . والبلاء النقمة ، لانه يظهر به ما يوجبه كفر النعمة . والبلى الخلوقة لظهور تقادم العهد فيه . وقوله { بشيء من الصيد } قيل في معنى ( من ) ثلاثة أوجه : أحدها - صيد البر ، دون البحر . والآخر صيد الاحرام دون الاحلال . الثالث - للتجنيس نحو اجتنبوا الرجس من الاوثان - في قول الزجاج - وقوله { تناله أيديكم ورماحكم } يعني به فراخ الطيور وصغار الوحش في قول ابن عباس ومجاهد ، وزاد مجاهد : والبيض . والذي تناله الرماح الكبار من الصيد . قال أبو علي : معنى { تناله أيديكم ورماحكم } إِن صيد الحرم يقرب من الناس ولا ينفر منهم فيه كما ينفر في الحل ، وذلك آية من آيات الله . وقال الحسن ومجاهد : حرم الله بهذه الآية صيد البرِّ كله . وقال أبو علي : صيد الحرم هو المحرم بهذه الآية . وقال الزجاج : بين النبي ( صلى الله عليه وسلم ) تحريم صيد الحرم على المحرم وغيره بهذه الآية ، وهذا صحيح . وصيد غير المحرم إنما يحرم على المحرم دون المحل . وقوله { ليعلم الله من يخافه بالغيب } معناه لعاملكم معاملة من يطلب أن يعلم ، مظاهرة في العدل . ووجه آخر - ليظهر المعلوم ، والأول أحسن . واختار البلخي الوجه الثاني ، قال والله تعالى وان كان عالماً بما يفعلونه فيما لم يزل ، فانه لا يجوز أن يثيبهم ولا يعاقبهم على ما يعلم منهم ، وانما يستحقون ذلك اذا علمه واقعاً منهم على وجه كلفهم ، فاذاً لا بد من التكليف والابتلاء . وقوله { من يخافه بالغيب } يعني من يخشى عقابه اذا توارى بحيث لا يقع عليه الحس - في قول الحسن - تقول : غاب يغيب غياباً فهو غائب عن الحس ، ومنه الغيبة وهي الذكر بظهر الغيب بالقبيح . وقال قوم : معناه من يخاف صيد الحرم في السر كما يخافه في العلانية ، فلا يعرضون له على حال . وقوله { فمن اعتدى بعد ذلك } يعني من تجاوز حد الله بمخالفة أمره وارتكاب نهيه بالصيد في الحرم ، وفي حال الاحرام { فله عذاب أليم } أي مؤلم . قال البلخي : يجوز أن يكون ذلك في النار ، ويجوز أن يكون غير ذلك من صنوف الآلام والعقوبات ، قال سليمان { لأعذبنه عذاباً شديداً } يعني الهدهد ولم يرد عذاب النار .