Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 101-101)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

البديع هو المبدع وهي صفة معدولة عن ( مفعل ) الى ( فعيل ) ولذلك تعدى ( فعيل ) لانه يعمل عمل ما عدل عنه ، فاذا لم يكن معدولا للمبالغة لم يتعد نحو طويل وقصير ، وارتفع بديع ، لانه خبر ابتداء محذوف ، وتقديره هو بديع السموات والارض . ويجوز أن يكون رفعا بالابتداء وخبره { أنى يكون له ولد } . والفرق بين الابتداع والاختراع فعل ما لم يسبق الى مثله ، والاختراع فعل ما لم يوجد سبب له ، ولذلك يقال : البدعة والسنة ، فالبدعة احداث ما لم يسبق اليه مما خالف السنة ، ولا يوصف بالاختراع غير الله ، لان حد ما ابتدىء في غير محل القدرة عليه ، ولا يقدر على ذلك الا القادر للنفس ، لان القادر بقدرة اما ان يفعل مباشرا وحده ما ابتدىء في محل القدرة عليه او متولد وحده ما وقع بحسب غيره ، وهو على ضربين : احدهما تولده في محل القدرة عليه . والآخر انه يتعداه بسبب هو الاعتماد لا غير ، ولا يقدر غير الله على الاختراع أصلا . فاما الابتداع فقد يقع منه ، لانه قد يفعل فعلا لم يسبق اليه . واما { بديع السماوات والأرض } فلا يوصف به غير الله لانه خالقهما على غير مثال سبق . وقوله { أنى يكون له ولد } معناه وكيف يكون له ولد . وقيل : معناه من اين يكون له ولد ؟ ولم تكن له صاحبة ، فالولد هو الحيوان المتكون من حيوان ، فعلى هذا آدم ليس بولد ، لانه لم يتكون عن والد ، والمسيح ( ع ) ولد ، لان مريم ولدته فهو متكون عنها ، وان لم يكن عن ذكر ، والصاحب هو القرين اللازم ، ولذلك يقال : اصحاب الصحراء وفي القرآن اصحاب النار وأصحاب الجنة . ومعناه المقارنون لها . وقد يكون المقارن لما هو من جنسه وما ليس من جنسه ، فيوصف بانه صاحب الا انه لا بد من مشاكلته ويقال : صاحب القرآن أي حافظه ، وصاحب الدار مالكها . وقوله : { وخلق كل شيء } يحتمل امرين : احدهما - ان يكون اراد بـ { خلق } قدر ، فعلى هذا تكون الآية عامة ، لانه تعالى مقدر كل شيء . ويحتمل ان يكون احدث كل شيء ، فعلى هذا يكون مخصوصا ، لانه لم يحدث اشياء كثيرة من مقدورات غيره ، وما هو معدوم لم يوجد على مذهب من يسميها أشياء . وكقديم آخر ، لانه يستحيل . وقوله : { وهو بكل شيء عليم } عام ، لان الله تعالى يعلم الاشياء كلها قديمها ومحدثها ، موجودها ومعدومها ، لا تخفى عليه خافية .