Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 105-105)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير وابو عمرو { دارست } بألف وفتح التاء . الباقون بلا الف { درست } بفتح التاء ، الا ابن عامر فانه قرأ { درست } بسكون التاء وفتح السين بمعنى ( انمحت ) وذكر الاخفش { درست } وهو أشد مبالغة في الامحاء وقيل { درست } على ما لم يسم فاعله . والمعاني متقاربة غير ان هذين لم يقرأ بهما أحد من المعروفين . وفي قراءة عبد الله { درس } أي ليقولوا درس محمد . قال أبو زيد : درست أدرس دراسة وهي القراءة . وانما يقال ذلك اذا قرأت على غيرك . قال الاصمعي أنشدني ابن ميادة : @ يكفيك من بعض إِزديار الآفاق سمراء مما درس ابن مخراق @@ يقال درس يدرس مثل داس يدوس . قال : وقال بعضهم : سمراء ناقته ، ودرسها رياضها قال ودرس السورة من هذا أي يدرسها لتخف على لسانه ، والدريس الثوب الخلق ، وأصل الدرس استمرار التلاوة . وقال ابو علي النحوي : من قرأ { دارست } معناه أهل الكتاب وذاكرتهم ، قال وقد يحذف الالف في مثل هذا في المصحف . قال ويقوي ذلك قوله { وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا } وقالوا { إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون } ومن قرأ { درست } قال لان أبيَّا وابن مسعود قرءا به فاسندا الفعل فيه الى الغيبة كما اسند الى الخطاب ومعناه درست فتعلمت من أهل الكتاب . وقال المغربي : درست معناه علمت كما قال { ودرسوا ما فيه } أي علموه فعلى هذا يكون اللام لام الغرض ، كأنه قال فعلنا ذلك ليقولوا علمت . ووجه قراءة ابن عامر انه ذهب الى الدرس الذي هو تعفية الاثر وإِمحاء الرسم . واللام من قوله { وليقولوا درست } على ضربين : من قال { درست } بلا الف ، فالمعنى لكراهة أن يقولوا أو لئلا يقولوا : درست ، كما قال { يبين الله لكم أن تضلوا } ومعناه لئلا تضلوا وكراهة ان تضلوا ، والمعنى اني فصلت الآيات وأحكمتها لئلا يقولوا : انها أخبار قد تقدمت وطال العهد بها وباد من كان يعرفها ، كما قالوا { أساطير الأولين } لان تلك الاخبار لا تخلو من خلل فاذا سلم الكتاب منه لم يكن لطاعن موضع طعن . والثاني - ليقولوا ( درست ) ذلك بحضرتنا أي ليقروا بورود الآية عليهم فتقوم الحجة عليهم . وقال الزجاج : اللام لام العاقبة ومن قرأ { دارست } فاللام على قوله كالتي في قوله { ليكون لهم عدوا وحزنا } ولم يلتقطوه لذلك لكن كان عاقبته كذلك كما أنه تعالى لم يفصل الآيات ليقولوا دارست ودرست . لكن لما قالوا ذلك أطلق ذلك عليه اتساعا . وموضع الكاف في وكذلك نصب ، لان المعنى نصرف الآيات في غير هذه السورة مثل التصريف في هذه السورة ، فهو في موضع صفة المصدر كأنه قال تصريفا مثل هذا التصريف . قال الرماني : التصريف اجراء المعنى الدائر في المعاني المتعاقبة ليجتمع فيه وجوه الفائدة . وقال الحسن ومجاهد والسدي وابن عباس وسعيد بن جبير { دارست } أي ذاكرت أهل الكتابين وقارأتهم ، وقوله { ولنبيِّنه لقوم يعلمون } معناه لنبين الذي هذه الآيات دالة عليه لقوم يعلمون ما نورده عليهم من هذه الآيات ، ويعقلون ذلك وهم الذين يلزمهم الاستدلال بذلك على الله وعلى صحة دينه . وقال قوم { ليقولوا درست } معناه التهديد كما يقول القائل : قل لفلان : يوفينا حقنا وليصنع ما شاء ، وقل للناس الحق وليقولوا ما شاؤا أي ذلك لا يضرك ، ولان ضرره يعود عليهم من العقاب والذم .