Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 109-109)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن كثير وابو عمرو ويعقوب وابو بكر الا يحيى ونصير وخلف { وما يشعركم أنها } بكسر الهمزة . الباقون بفتحها . وقرأ ابن عامر وحمزة { لا تؤمنون } بالتاء . الباقون بالياء . و ( ما ) في قوله { وما يشعركم } استفهام وفاعل { يشعركم } ضمير ( ما ) ولا يجوز ان يكون نفيا ، لان الفعل فيه يبقى بلا فاعل ، ولا يجوز ان يكون نصبا ويكون الفاعل ضمير اسم الله ، لان التقدير يصير ، وما يشعركم الله انتفاء ايمانهم ، وهذا ليس بصحيح ، لان الله قد أعلمنا أنهم لا يؤمنون بقوله { ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة … } فالمعنى وما يدريكم ايمانهم اذا جاءت الايات ، فحذف المفعول ، وتقديره وما يدريكم ايمانهم اذا جاءت أي هم لا يؤمنون مع مجىء الآية . ومن كسر الالف فلانه استئناف على القطع بأنهم لا يؤمنون ، ولو فتحت بـ { يشعركم } كان عدوا لهم ، ويجوز فتحها على وجهين : الاول قال الخليل : بمعنى لعلها اذا جاءت لا يؤمنون ، كما يقول القائل : ائت السوق انك تشتري لنا شيئا معناه لعلك ، قال عدي بن زيد : @ أعاذل ما يدريك ان منيتي الى ساعة في اليوم أو في ضحى الغد @@ وقال دريد بن الصمة : @ ذريتي أطوف في البلاد لانني أرى ما ترين أو بخيلا مخلد @@ وقال آخر : @ هل أنتم عائجون بنا لأنا نرى العرصات أو أثر الخيام @@ وقال الفراء : انهم يقولون : لعلك ، ولعنك ، ورعنك ، وعلك ، ورأنك ، ولانك بمعنى واحد . وقال ابو النجم : @ قلت لشيبان ادن من لقائه انا نغدى اليوم من شوائه @@ الثاني - قال الفراء ( لا ) - ها هنا - صلة كقوله { ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك } والتقدير وما يشعركم انها اذا جاءت يؤمنون ، والمعنى على هذا لو جاءت لم يؤمنوا ومثل زيادة ( لا ) قول الشاعر : @ أبا جوده لا النجل واستعجلت به نعم من فتى لا يمنع الجود فاعله @@ بنصب النجل وجره ، فمن نصب جعلها زيادة ، وتقديره أبا جوده النجل ومن جره أضاف ( لا ) الى ( النجل ) ومثله قوله تعالى { وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون } وهو يحتمل أمرين : احدهما - ان تكون ( لا ) زائدة و ( ان ) في موضع رفع بأنه خبر المبتدإِ الذي هو ( حرام ) وتقديره وحرام على قرية مهلكة رجوعهم ، كما قال { فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون } والثاني - أن تكون ( لا ) غير زائدة بل تكون متصلة بأهلكنا ، والتقدير بأنهم لا يرجعون أي أهلكناهم بالاستئصال ، لانهم لا يرجعون الى أهليهم للاستئصال الواقع بهم . وخبر الابتداء محذوف وتقديره حرام على قرية أهلكناها بالاستئصال بقاؤهم أو حياتهم ونحو ذلك . من قرأ ( يؤمنون ) بالياء فلان قوله { وأقسموا } انما يراد به قوم مخصوصون بدلالة { ولو أننا أنزلنا إليهم الملائكة … } وليس كل الناس بهذا الوصف ، فالمعنى وما يشعركم ايها المؤمنون لعلهم اذا جات الآيات التي اقترحوها لم يؤمنوا . ومن قرأ بالتاء فانه انصرف من الغيبة الى الخطاب ، ويكون المراد بالمخاطبين في { يؤمنون } هم القوم المقسمون الذين أخبر الله عنهم أنهم لا يؤمنون ، ومثله قوله { الحمد لله } ثم قال { إياك نعبد } ونحو ذلك مما ينصرف فيه الى خطاب بعد الغيبة . وقوله { جهد أيمانهم } أي اجتهدوا في اليمين وبالغوا فيه . والآية التي سألوا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) اظهارها قيل فيها قولان : أحدهما - انهم سألوا تحول الصفا ذهبا . الثاني - ما ذكره في موضع آخر من قوله { لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا } الى قوله { كتابا نقرؤه } والمعنى ان هؤلاء الكفار أقسموا متحكمين على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وبالغوا في أيمانهم أنهم اذا جاءتهم الآية التي اقترحوها ليؤمنن بها أي عندها ، فأمر الله نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) ان يقول لهم : إِنما الآيات عند الله . فان قيل : كيف قال { الآيات عند الله } وذلك معلوم ؟ ! قيل : معناه من أجل أن الآيات عند الله ، ليس لكم أن تتحكموا في طلبها ، لانه لا يجوز أن يتخلف عنكم ولا عن غيركم ما فيه المصلحة في الدين لانه تعالى لا يخل بذلك . قوله { وما يشعركم } فيه تنبيه على موضع الحجة عليهم من أنه ليس لهم ان يدعوا ما لا سبيل لهم الى علمه . وقال مجاهد وابن زيد : الخطاب متوجه الى المشركين وقال الفراء وغيره : هو متوجه الى المؤمنين ، لانهم قالوا ظنا منهم أنهم لو اجيبوا الى الآيات لآمنوا .