Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 118-118)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قيل في دخول الفاء في قوله { فكلوا } قولان : أحدهما - انه جواب لقول المشركين لما قالوا للمسلمين : أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل ربكم ؟ فكأنه قيل : اعرضوا عن جهلكم فكلوا . والثاني - ان يكون عطفا على ما دل عليه أول الكلام ، كأنه قال : كونوا على الهدى فكلوا مما ذكر اسم الله عليه . وقوله { فكلوا } ، وان كان لفظه لفظ الامر ، فالمراد به الاباحة ، لان الاكل ليس بواجب ولا مندوب ، اللهم الا ان يكون في الاكل استعانة على طاعة الله ، فانه يكون الاكل مرغبا فيه ، وربما كان واجبا ، فأما ما يمسك الرمق فخارج عن ذلك ، لانه عند ذلك يكون الانسان ملجأ الى تناوله . ومثل هذه الآية في لفظ الامر والمراد به الاباحة قوله { وإذا حللتم فاصطادوا } وقوله { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض } والاصطياد والانتشار مباحان بلا خلاف . وقوله { مما ذكر اسم الله عليه } فالذكر المسنون هو قول بسم الله . وقيل كل اسم يختص الله تعالى به أو صفة مختصة كقوله بسم الله الرحمن الرحيم أو بسم القدير أو بسم القادر لنفسه أو العالم لنفسه ، وما يجري مجرى ذلك . والاول مجمع على جوازه والظاهر يقتضي جوازه غيره ، ولقوله { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى } وقوله { فكلوا مما ذكر اسم الله عليه } خطاب للمؤمنين وفيه دلالة على وجوب التسمية على الذبيحة ، لان الظاهر يقتضي أن ما لا يسمى عليه لا يجوز أكله بدلالة قوله { إن كنتم بآياته مؤمنين } لان هذا يقتضي مخالفة المشركين في أكلهم ما لم يذكر اسم الله عليه ، فأما ما لم يذكر اسم الله عليه سهوا أو نسيانا فانه يجوز أكله على كل حال . والآية تدل على أن ذبائح الكفار لا يجوز أكلها ، لانهم لا يسمون الله عليها . ومن سمى منهم لانه لا يعتقد وجوب ذلك بل يعتقد ان الذي يسميه هو الذي أبدى شرع موسى أو عيسى وكذب محمد بن عبد الله ، وذلك لا يكون الله ، فاذا هم ذاكرون اسم شيطان والاسم انما يكون المسمى مخصوص بالقصد . وذلك مفتقر الى معرفته واعتقاده ، والكفار على مذهبنا لا يعرفون الله تعالى ، فكيف يصح منهم تسميته تعالى ؟ ! وفي ذلك دلالة واضحة على ما قلناه . ومعنى قوله { إن كنتم بآياته مؤمنين } ان كنتم عرفتم الله وعرفتم رسوله وصحة ما أتاكم به من عند الله ، وهذا التحليل عام لجميع الخلق وان خص به المؤمنين بقوله { إن كنتم بآياته مؤمنين } لان ما حلل الله للمؤمنين ، فهو حلال لجميع المكلفين وما حرم عليهم حرام على الجميع .