Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 12-13)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أمر الله تعالى نبيه ( ع ) ان يقول لهؤلاء الكفار مقرعا لهم وموبخاً على كفرهم { لمن ما في السماوات والأرض } ثم امره ( ع ) ان يقول لهم ان ذلك { لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم } واللام لام القسم وتقديره والله ليجمعنكم ولذلك نصب ( لام ) ليجمعنكم ، لان معنى كتب اليمين . وقال الزجاج يجوز أن يكون { ليجمعنكم } بدلا من الرحمة مفسرا لها ، لأنه لما قال كتب على نفسه الرحمة ، فسر رحمته بأنه يمهلهم الى يوم القيامة . وقال الفراء : يجوز أن يكون قوله { كتب على نفسه الرحمة } غاية ثم استأنف قوله { ليجمعنكم … لا ريب فيه } تمام ، ومعنى { كتب على نفسه الرحمة } أي كتب على نفسه ألا يستأصلكم ولا يعجل عقوبتكم بل يعذر وينذر ويجمع آخركم الى أولكم قرناً بعد قرن الى يوم القيامة ، وهو الذي لا ريب فيه . وفي قوله { ليجمعنكم إلى يوم القيامة } احتجاج على من أنكر البعث والنشور فقال ليجمعنكم الى اليوم الذي أنكرتموه كما تقول : جمعت هؤلاء الى هؤلاء ، أي ضممت بينهم في الجمع . وقوله { الذين خسروا أنفسهم } قال الاخفش { الذين } بدل من الكاف والميم . والمعنى ليجمعن هؤلاء المشركين الذين خسروا أنفسهم الى هذا اليوم الذي يجحدونه ويكفرون به . وقال الزجاج : هو في موضع رفع على الابتداء وخبره { فهم لا يؤمنون } لان { ليجمعنكم } مشتمل على سائر الخلق على الذين خسروا أنفسهم وغيرهم . وقوله { وله ما سكن في الليل والنهار } أي ما اشتمل عليه الليل والنهار فجعل الليل والنهار كالمسكن لما اشتملا عليه ، لانه ليس يخرج منهما شىء فجمع كل الاشياء بهذا اللفظ القليل الحروف ، وهذا من أفصح ما يكون من الكلام . وقال النابغة : @ فانك كالليل الذي هو مدركي وان خلت ان المنتأى عنك واسع @@ فجعل الليل مدركا إِذ كان مشتملا عليه . وفي هذه الآية وفي التي قبلها إِحتجاج على الكفار الذين عبدوا من دون الله تعالى ، فقال تعالى : { قل لمن ما في السماوات والأرض } ؟ وكانوا لا يشركون بالله في خلق السماوات والارض وما بينهما احداً وانما كانوا يشركون في العبادة ، ويقولون : آلهتهم تقربهم الى الله زلفى ، لا أنها تخلق شيئاً ، ثم قال : { قل لله } فانهم لا ينكرون ذلك ، وهو كقوله { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } فذكرهم ما هم به مقرون ليتنبهوا ويشهدوا بالحق ويتركوا ما هم عليه ، ومعنى { خسروا أنفسهم } أهلكوها باستحقاق المصير الى العذاب الاليم الدائم ، الذي لا ينتفعون معه بنفوسهم إِذ كانوا لا يؤمنون . ومن أهلك نفسه فقد خسرها . وانما قال { وله ما سكن في الليل والنهار } لان في الحيوان ما يسكن في الليل ، وفيه ما يسكن بالنهار وخص السكون بالذكر ، لان الساكن أكثر من المتحرك ، ولان الآية العجيبة في قيام الساكن بلا عمد أعظم .