Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 152-152)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ اهل الكوفة الا أبا بكر { تذكرون } بتخفيف الذال حيث وقع . الباقون بالتشديد . قال سيبويه : ذكرته ذكرا مثل شربا ، قال ابو علي : ( ذكر ) فعل يتعدى الى مفعول واحد ، كقوله { فاذكروني أذكركم } فاذا ضاعفت العين تعدى الى مفعولين كقولك ذكرته اباه قال الشاعر : @ يُذَكرْنِيك حنين العجول ونوح الحمامة تدعو هديلا @@ فان نقله بالهمزة كان كنقله بالتشديد ، وتقول : ذكرته فتذكر ، لان تذكر مطاوع ( فعل ) كما تفاعل مطاوع فاعل ، قال تعالى { إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا } وقد تعدى تفعلت قال الشاعر : @ تذكرت أرضا بها أهلها أخوالها فيها وأعمامها @@ وأنشد ابو زيد : @ تذكرت ليلى لات حين أذكارها وقد حني الاضلال ضلا بتضلال @@ فقال اذكارها ، كما قال { وتبتل إليه تبتيلا } ونحو ذلك مما لا يحصى مما لا يجيء المصدر على ( فعلة ) ، وجاء المصدر على ( فعلى ) بالف التأنيث ، فقالوا ذكرى وقالوا في الجمع الذكر ، فجعلوه بمنزلة ( سدرة ، وسدر ) وقالوا : الدكر بالدال غير المعجمة حكاه سيبويه ، والمشهور بالذال . فمن قرأ بتشديد الذال اراد يتذكرون ويأخذون به ، ولا يطرحونه وادغم التاء في الذال ، والمعنى يتذكرون ، كما قال { والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر } أي يتفكر وقال { أولا يذكر الإنسان } معناه اولا يتفكر ، وقال { ولقد صرفناه بينهم ليذكروا } أي ليتفكروا فيه . ومن قرأ - بتخفيف الذال - أراد لكي يذكروه ولا ينسوه فيعملوا به . والقراءتان متقاربتان غير ان هذا حذف التاء الاولى ، والاولون أدغموا التاء في الذال . والمعنى فيها لعلكم تتذكرون . هذه الآية عطف على ما حرم الله في الآية الاولى واوصى به ، فنهى في هذه الآية ان تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن ، والمراد بالقرب التصرف فيه ، وانما خص اليتيم بذلك وان كان واجبا في كل احد ، لان اليتيم لما كان لا يدفع عن نفسه ولا له والد يدفع عنه ، فكان الطمع في ماله أقوى تأكد النهي في التصرف في ماله . وقوله { إلا بالتي هي أحسن } قيل في معناه ثلاثة أقوال : احدها - حفظه عليه الى ان يكبر فيسلم اليه . وقيل معناه تثميره بالتجارة في قول مجاهد والضحاك والسدي . والثالث - ما قاله ابن زيد : ان يأخذ القيم عليه بالمعروف دون الكسوة . وقوله { حتى يبلغ أشده } اختلفوا في حد الاشد ، فقال ربيعة وزيد بن أسلم ومالك وعامر الشعبي : هو الحلم . وقال السدي : ثلاثون سنة . وقال قوم : ثماني عشرة سنة . لانه اكثر ما يقع عندهم البلوغ واستكمال العقل . وقال قوم قوم : انه لا حد له وانما المراد به حتى يكمل عقله ولا يكون سفيها يحجر عليه . والمعنى حتى يبلغ اشده فيسلم اليه ماله او يأذن في التصرف في ماله ، وحذف لدلالة الكلام عليه . هذا أقوى الوجوه . وواحد الاشد قيل فيه قولان : احدهما - شد مثل اضر جمع ضر ، واشد جمع شد . والشد القوة ، وهو استحكام قوة شبابه وسنه ، كما شد النهار ارتفاعه . وحكى الحسين بن علي المغربي عن أبي اسامة أن واحدة شدة . مثل نعمة وانعم . وقال بعض البصريين : الاشد واحد مثل الافك . ومن قال ان واحده شد استدل بقول عنترة : @ عهدي به شد النهار كأنما خضب البنان ورأسه بالعظلم @@ هكذا رواه المفضل الضبي . وقال الآخر : @ يطيف به شد النهار ظعينه طويلة انقاء اليدين سحوق @@ وقوله { وأوفوا الكيل والميزان بالقسط } أمر من الله بتوفية كيل ما يكال وتوفية وزن ما يوزن بالقسط يعني بالعدل وفاء من غير بخس . وقوله { لا نكلف نفسا إلا وسعها } معناه هنا انه لما كان التعويل في الوزن والكيل على التحديد من اقل القليل يتعذر ، بين انه لا يلزم في ذلك الاجتهاد في التحرز . وقوله { وإذا قلتم فاعدلوا } يعني قولوا الحق . ولو كان على ذي قرابة لكم . وانما خص القول بالعدل دون الفعل ، لان من جعل عادته العدل في القول دعاه ذلك الى العدل في الفعل ، لان ذلك من آكد الدواعي اليه والبواعث عليه . وقوله { وبعهد الله أوفوا } قيل في معنى العهد ها هنا قولان : احدهما - كل ما أوجبه على العبد فقد عهد اليه بايجابه عليه وتقديم القول فيه والدلالة عليه . الثاني - قال ابو علي عهد الله الحلف بالله ، فاذا حلف في غير معصية الله وجب عليه الوفاء . وقوله { ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون } قيل في معناه قولان : احدهما - لئلا تغفلوا عنه فتتركوا العمل به والقيام بما يلزم منه . الثاني - لتتذكروا كل ما يلزمكم بتذكر هذا فتعملوا به .