Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 161-161)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن عامر واهل الكوفة { قيما } بكسر القاف وتخفيف الياء وفتحها . الباقون بفتح القاف مع تشديد الياء . من قرأ بتشديد الياء فحجته قوله { وذلك دين القيمة } كأنه قال دين الملة القيِّمة ، ويكون وصفا للدين اذا كان نكرة ، كما كان وصفا للملة ، لان الملة هي الدين . قال ابو الحسن : قال اهل المدينة { دينا قيما } وهي حسنة ، ولم اسمعها من العرب . قال ابو الحسن : وهو في معنى المستقيم . فأما من قرأ بالتخفيف ، فانه اراد المصدر ، مثل الشبع ، ولم يصحح ( عوض وحول ) . قال الزجاج : لانه جاء على ( فَعل ) معتل ، وهو ( قام ) والاصل ( قوم ، اقوم قوما ) قال ابو علي : وكان القياس يقتضى ان يصحح ، لكنه شذَّ عن القياس ، كما شذ ( اشياء ) ونحوه عن القياس نحو ( ثيرة ) في جمع ( ثور ) ونحو ( جياد ) في جمع ( جواد ) وكان القياس الواو ، كما قالوا : طويل وطوال قال الاعشى : @ جيادك في الصيف في نعمة تصا ن الجلال وتعطى الشعيرا @@ وقوله { دينا قيما } يحتمل نصبه ثلاثة اوجه : احدها - انه قال { إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم } واستغنى بجري ذكر الفعل عن ذكره ، فقال { دينا قيما } كما قال { اهدنا الصراط المستقيم } . والثاني - نصبه على تقدير عرفني ، لان هدايتهم اليه تعريف لهم فحمله على عرفني دينا قيما . وقال الزجاج : معناه عرفني دينا قيما . وان شئت حملته على الاتباع كما قال { اتبعوا ما أنزل } وقال الفراء : هو نصب على المصدر ، كأنه قال هداني اهتداء ، ووضع { دينا } موضعه . أمر الله تعالى نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) ان يقول للخلق وخاصة لهؤلاء الكفار { إنني هداني ربي } وقيل في معنى الهداية قولان : احدهما - قال ابو علي : اراد بالهداية الدلالة وأضافه الى نفسه دونهم ، وان كان قد هداهم أيضا ، لانه اهتدى دونهم . وقال غيره : اراد به لطف لي ربي في الاهتداء . و { إلى صراط مستقيم } قد فسرناه في غير موضع . وانه الطريق الموصل الى ثواب الله من غير اعوجاج ، وانما قال { إلى صراط مستقيم } - ها هنا - وقال في موضع آخر { ويهديك صراطا مستقيما } لانه اذا ضمن معنى النهاية دخلت ( إلى ) واذا لم تضمن لم تدخل ( إلى ) وصار بمعنى عرِّفني . والاول بمنزلة ارشدني ، وانما كرر ( مستقيم ، وقيم ) للمبالغة ، كأنه قال : هو مستقيم على نهاية الاستقامة . وقوله " ملة ابراهيم فالملة الشريعة وهي مأخوذة من الاملاء " كأنه ما يأتي به السمع ويورده الرسول من الشرائع المتجددة فيمله على امته ليكتب او يحفظ . فأما التوحيد والعدل فواجبان بالعقل ، ولا يكون فيهما اختلاف . والشرائع تختلف ، ولهذا يجوز ان يقال ديني دين الملائكة . ولا يقال ملتي ملة الملائكة . والملة دين ، وليس كل دين ملة . وانما وصف دين النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بأنه ملة ابراهيم ترغيبا فيه للعرب لجلالة ابراهيم في نفوسهم وغيرهم من أهل الاديان . وقوله { حنيفا } معناه مخلصا لعبادة الله في قول الحسن . واصله الميل من قولهم : رجل احنف اذا كان مائل القدم باقبال كل واحدة منهما على الاخرى من خلقة لا من عارض . وقال الزجاج : الحنيف هو المائل الى الاسلام ميلا لازما لا رجوع معه . وقال ابو علي : اصله الاستقامة . وانما جاء ( أحنف ) على التفاؤل { وما كان من المشركين } يعني ابراهيم ( ع ) و { حنيفا } نصب على الحال من ( إبراهيم ) و { ملة أبيكم } نصب على المصدر - في قول الفراء - وقال الزجاج : هو بدل من قوله { دينا قيما } .