Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 165-165)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اخبر الله تعالى انه الذي جعل الخلق خلائف الارض ، ومعناه ان كل اهل عصر يخلفون اهل العصر الذي قبله كلما مضى واحد خلفه آخر على انتظام واتساق وذلك يدل على مدبر أجراه على هذه الصفة قال الشماخ : @ تصيبهم وتخطيني المنايا وأخلف في ربوع عن ربوع @@ وواحد الخلائف خليفة ، مثل صحيفة وصحائف ، وسفينة وسفائن ، ووصيفة ووصائف ، هذا قول الحسن والسدي . وقال قوم : معناه انه جعلهم خلفاء الجانِّ قبل آدم . وقال آخرون معناه والمراد به امة نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) لان الله جعلهم خلفاء سائر الامم . وقوله { ورفع بعضكم فوق بعض درجات } وجه الحكمة في ذلك مع انه يخلقهم كذلك ابتداء من غير استحقاق بعمل يوجب التفاضل بينهم ما فيه من الالطاف الداعية الى الواجبات والصارفة عن القبائح ، لان من كان غنيا في ماله شريفا في نسبه قويا في جسمه ربما دعاه ذلك الى طاعة من يملكها رغبة فيها . والحال في أضدادها ربما كان دعته الى طاعته رهبة منها ومن أمثالها ورجاء أن ينقل عنها الى حال جليلة يغتبط عليها . وقال السدي : رفع بعضهم فوق بعض في الرزق وقوة الاجسام وحسن الصورة ، وشرف الانسان . وغير ذلك بحسب ما علم من مصالحهم . وقوله { درجات } يحتمل نصبه ثلاثة أشياء : احدها - ان يقع موقع المصدر كأنه قال رفعة فوق رفعة . الثاني - الى درجات ، فحذفت ( الى ) كما في قولهم : دخلت البيت ، وتقديره دخلت الى البيت . الثالث - أن يكون مفعولا من قولك : ارتفع درجة ورفعته درجة مثل اكتسى ثوباً وكسوته ثوباً . وقوله { ليبلوكم فيما آتاكم } معناه فعل بكم ذلك ليجزيكم فيما أعطاكم . والقديم تعالى لا يبتلي خلقه ليعلم ما لم يكن عالما به ، لانه تعالى عالم بالاشياء قبل كونها . وانما قال ذلك ، لانه يعامل معاملة الذي يبلو ، مظاهرة في العدل . وانتفاء من الظلم . وقوله { إن ربك سريع العقاب } انما وصف نفسه بأنه سريع العقاب مع وصفه تعالى بالامهال ومع ان عقابه في الآخرة من حيث كان كل آت قريبا ، فهو اذاً سريع ، كما قال { وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب } وقد يكون سريع العقاب بمن استحقه في دار الدنيا ، فيكون تحذير الواقع في الخطيئة على هذه الجهة . وقيل معناه انه قادر على تعجيل العقاب ، فاحذروا معاجلته . وانما قابل بين العقاب والغفران ولم يقابل بالثواب ، لان ذلك ادعى الى الاقلاع عما يوجب العقاب ، لانه لو ذكر الثواب لجاز ان يتوهم انه لمن لم يكن فيه عصيان .