Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 39-39)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الوقف التام عند قوله { في الظلمات } . وقوله { صم وبكم في الظلمات } يحتمل امرين : احدهما - ان يراد ان هؤلاء الكفار الذين كذبوا بآيات الله صم وبكم في الظلمات في الآخرة على الحقيقة عقوبة لهم على كفرهم ، لانه ذكرهم عند ذكر الحشر . والثاني - ان يكون عنى انهم صم وبكم في الظلمات في الدنيا ، فمتى أريد الاول كان ذلك حقيقة ، لانه تعالى لا يمتنع ان يجعلهم صما بكما في الظلمات ، ويضلهم بذلك عن الجنة وعن الصراط الذي يسلكه المؤمنون اليها ويصيرهم الى النار . وان أريد به الوجه الثاني ، فانه يكون مجازا وتوسعا . وانما شبههم بالصم والبكم الذين في الظمات ، لان المكذبين بآيات الله لا يهتدون الى شىء مما ناله المؤمنون من منافع الدين ولا يصلون الى ذلك ، كما أن الصم البكم الذين في الظلمات لا يهتدون الى شىء من منافع الدنيا ولا يصلون اليها ، فتشبيههم من هذا الوجه بالصم البكم . وقال البلخي { صم وبكم في الظلمات } معناه في الجهل والشرك والكفر . وقوله { من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم } لا يجوز ان يكون على عمومه ، لانا قد علمنا ان الله تعالى لا يشاء ان يضل الانبياء والمؤمنين ولا يهدي الكافرين ، لكن قد بين تعالى في موضع آخر من الذي يشاء ان يضله ، فقال { وما يضل به إلا الفاسقين } وقال { ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء } وقال { والذين اهتدوا زادهم هدى } وقال : { يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام } وقال { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } وقوله { ومن يشأ الله يضلله } ها هنا يحتمل امرين : احدهما - { ومن يشأ الله يضلله } أي من يشأ يخذله بأن يمنعه ألطافه وفوائده ، وذلك اذا واتر عليه الادلة وأوضح له البراهين فأعرض عنها ولم يمعن النظر فيها ، فصار كالاصم الاعمى ، فحينئذ يشاء أن يضله بان يخذله . والثاني - من يشأ الله اضلاله عن طريق الجنة ، ونيل ثوابها يضلله على وجه العقوبة { ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم } ومعناه من يشأ ان يرحمه ويهديه الى الجنة ونيل الثواب يجعله على الصراط الذي يسلكه المؤمنون الى الجنة ، ويعدل الكافرين عنه الى النار ولا يلحق الاضلال الا الكفار والفساق المستحقين للعقاب وكذلك لا يفعل الثواب والخلود في الجنة الا بالمؤمنين ، لانه ثواب لا يستحقه سواهم .