Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 53-53)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

معنى الآية انه تعالى اخبر انه يمتحن الفقراء بالاغنياء والاغنياء بالفقراء فيختبر صبر الفقراء على ما يرون من حال الاغنياء ، واعراضهم عنهم الى طاعة الرسل ويختبر شكر الاغنياء واقرارهم لمن يسبقهم من الفقراء ، والموالي والعبيد الى الايمان بالرياسة في الدين والتقدم فيه . وقوله : { ليقولوا أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا } فليس المراد باللام لام الغوص لان الله لو قصد ذلك لكان قد قصد بما فعل ان يقولوا هذا القول فيكفروا به ويعصوا ويتعالى الله عن ذلك فكيف يقصده ؟ ! وقد عابه من قولهم وهو يعاقبهم عليه وعابهم به ولكن اللام لام العاقبة . والمعنى اني فعلت ذلك بهم ليصبروا ويشكروا ، فكان عاقبة أمرهم ان قالوا { أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا } ومثله قوله : { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا } وقال الشاعر : @ وام سماك فلا تجزعي فللشكل ما تلد الوالداه @@ والذي قال { أهولاء منَّ الله عليهم من بيننا } هو عيينة بن حصين واصحابه وقال الزجاج : أي ليقول الكبراء { أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا } أي ليكون ذلك آية بينة انهم اتبعوا الرسول وصبروا على الشدة في حال شديدة . وقال الجبائي : معنى قوله { فتنا بعضهم ببعض } أي شددنا التكليف على أشراف العرب وكبرائهم بأن امرناهم بالايمان برسول الله وبتقديم هؤلاء الضعفاء على نفوسهم لتقدمهم اياهم في الايمان ، وكونهم افضل عند الله . وهذا أمر كان شاقاً عليهم ، فلذلك سماه الله فتنة . وقوله { ليقولوا أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا } أي فعلنا هذا بهم ليقول بعضهم لبعض على وجه الاستفهام منه لا على وجه الانكار { أهؤلاء منَّ الله عليهم من من بيننا } يعني بالايمان اذ رأوا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يقدم هؤلاء عليهم ويفضلهم وليرضوا بذلك من فعل رسول الله ، ولم يجعل هذه الفتنة والشدة في التكاليف ليقولوا ذلك على وجه الانكار ، لان إِنكارهم ذلك كفر بالله ومعصية له والله تعالى لا يريد ذلك ولا يرضاه ، لانه لو أراد ذلك منهم ، وفعلوه كانوا مطيعين له لا عاصين وقد ثبت خلافه . وقوله : { أليس الله بأعلم بالشاكرين } معناه ان الله تعالى أعلم بالشاكرين له ولنعمه من خلقه فيجازيهم على ذلك بما يستحقونه من الثواب والتعظيم والاجلال . والشاكرون المعنيون بالآية هم هؤلاء الضعفاء ويدخل معهم في ذلك سائر المؤمنين . فان قيل فعلى هذا الوجه الذي ذكرتموه قد وجد من الكفار القول على ما أراده فيجب ان يكونوا مطيعين . قلنا : ليس في الآية ذلك وأنهم على أي وجه قالوه على وجه الانكار أو على وجه الاستفهام ؟ وانما بين انه فعل بهم ليقولوا ذلك على وجه الاستفهام لا على وجه الانكار ، فان كانوا قالوه على ما أراده الله فهم مطيعون وان قالوه منكرين فهم عصاة ، فلما علمنا أن الله تعالى ذمهم بهذا القول علمنا أنهم لم يقولوه على وجه المراد منهم انما قالوه على خلاف ما أريد منهم .