Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 63-64)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ يعقوب { قل من ينجيكم } مخففا . الباقون بالتشديد . وقرأ أبو بكر { وخفية } بكسر الخاء - ها هنا - ، وفي الاعراف . وقرأ اهل الكوفة الا ابن شاهي " أنجانا " على لفظ الاخبار عن الواحد الغائب ، وأماله حمزة والكسائي وخلف . الباقون " أنجيتنا " على وجه الخطاب . وقرأ اهل الكوفة الا العبسى وهشام وأبو جعفر { قل الله ينجيكم } بالتشديد . الباقون بالتخفيف . يقال : نجا زيد ينجو ، قال الشاعر : @ نجا سالم والنفس منه لشدقه @@ فاذا نقلت الفعل حسن أن تنقله بالهمزة فتقول انجيته ، ويجوز أن ننقله بتضعيف العين ، فتقول نجيته ، ومثله فرحته وأفرحته وعرضَّته وأعرضته ، قال الله تعالى { فأنجاه الله من النار } { فأنجيناه والذين معه } وقال { ونجينا الذين } فلما أستوت اللغتان وجاء التنزيل بهما تساوت القراءتان . ووجه قراءة من قرأ { لئن أنجانا } أنه حمله على الغيبة كقوله { تدعونه … لئن أنجانا } ، وكذلك ما بعده { قل الله ينجيكم } { قل هو القادر } فهذا كله أسماء غيبة فـ ( أنجانا ) أولى من ( انجيتنا ) لكونه على ما قبله ، وما بعده من لفظ الغيبة ، وموضع ( يدعونه ) نصب على الحال ، وتقديره قل من ينجيكم داعين وقائلين { لئن أنجيتنا } . ومن قرأ من الكوفيين { لئن أنجانا } طلب المشاكلة . ومن قرأ بالتاء واجه بالخطاب ولم يراع المشاكلة . ويقوي ذلك قوله في أخرى { لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين . قل الله ينجيكم } فجاء انجيتنا على الخطاب وبعده اسم غيبة . وأما إِمالة حمزة والكسائي فحسنة ، لان هذا النحو من الفعل اذا كان على أربعة أحرف أستمرت فيه الامالة ، لانقلاب الالف ياء في المضارع . ومن قرأ { خفية } بكسر الخاء ، فلأن أبا عبيدة قال { خفية } تخفون في أنفسكم وخفي غيره خفية ، وخفية لغتان ، وحكي خفوة وخفوة بالواو ، كما قالوا حل حبوته وحبيته ، ولا يقرأ بذلك . فأما قوله { تضرعا وخيفة } ففعلة من الخوف . وانقلبت الواو ، للكسرة . والمعنى أدعوا خائفين خافيين ، قال الشاعر : @ فلا تقعدن على زخة وتضمر في القلب وجدا وخيفا @@ يريد جمع خيفة . أمر الله تعالى نبيه ان يخاطب الخلق ويقول لهم على وجه التقريع لمن يعبد الاصنام منهم - { من ينجيكم من ظلمات البر والبحر } ومعناه شدائد البر والبحر ، تقول العرب لليوم الذي يلقى فيه الشدة : يوم مظلم حتى أنهم يقولون : يوم ذو كواكب أي قد اشتدت ظلمته حتى صار كالليل ، قال الشاعر : @ ابني أسد هل تعلمون بلاءنا اذا كان يوم ذو كواكب أشهب @@ وقال آخر : @ فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي اذا كان يوم ذو كواكب أشهب @@ فمعنا ظلمات البر والبحر شدائدهما . وقوله : { تدعونه … وخفية } أي مظهرين الضراعة ، وهي شدة الفقر الى الشىء والحاجة و { تدعونه … خفيه } أي تدعونه في أنفسكم بما تضمرون من حاجاتكم اليه كما تظهرون . وقوله { لئن أنجيتنا من هذه } أي في شدة وقعوا فيها ، يقولون { لئن أنجيتنا من هذه } لنشكرنك ، فأمر الله ان يسألهم على وجه التوبيخ لهم والتقرير بأنه ينجيهم وأنه القادر على نفعهم وضرهم . ثم أعلمهم ان الله الذي أقروا بأنه ينجيهم هو ينجيهم ثم هم يشركون معه الاصنام التي قد علموا أنها من صنعهم وأنها لا تضر ولا تنفع وأنه تعالى على تعذيبهم قادر .