Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 68-68)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن عامر { وإما ينسينك } بتشديد السين . الباقون بالتخفيف . خاطب الله تعالى نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) بهذه الآية ، فقال له { إذا رأيت } هؤلاء الكفار { الذين يخوضون في آياتنا } . قال الحسن ، وسعيد بن جبير : معنى { يخوضون } يكذبون { بآياتنا } وديننا والخوض التخليط في المفاوضة على سبيل العبث واللعب ، وترك التفهم واليقين . ومثله قول القائل : تركت القوم يخوضون ، أي ليسوا على سداد ، فهم يذهبون ويجيئون من غير تحقيق ولا قصد للواجب - أمره حينئذ ان يعرض عنهم { حتى يخوضوا في حديث غيره } لان من حاج من هذه حاله وأراد التبيين له فقد وضع الشىء في غير موضعه وحط من قدر الدعاء ، والبيان والحجاج . ثم قال له ( صلى الله عليه وسلم ) ان انساك الشيطان ذلك { فلا تقعد بعد الذكرى } - والذكرى والذكر واحد - { مع القوم الظالمين } يعني هؤلاء الذين يخوضون في ذكر الله وآياته . ثم رخص للمؤمنين بقوله : { وما على الذين يتقون من حسابهم } بأن يجالسوهم اذا كانوا مظهرين للتكبر عليهم غير خائفين منهم ، ولكن ذكرى يذكرونهم أي ينبهونهم ان ذلك يسوءهم { لعلهم يتقون } ثم نسخ ذلك بقوله { وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها } الى قوله : { إنكم إذا مثلهم } وبهذا قال سعيد بن جبير والسدي وجعفر بن مبشر ، واختاره البلخي وقال : في أول الاسلام كان ذلك يخص النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ورخص المؤمنين فيه ، ثم لما عزَّ - الاسلام ، وكثر المؤمنون نهوا عن مجالستهم ونسخت الآية . واستدل الجبائي بهذه الآية على انه لا يجوز على الائمة المعصومين على مذهبنا التقية . ( وقال : لانهم اذا كانوا الحجة كانوا مثل النبي ، وكما لا يجوز عليه التقية فكذا الامام - على مذهبكم - ) ! وهذا ليس بصحيح ، لانا لا نجوز على الامام التقية فيما لا يعرف الا من جهته ، كالنبي وانما يجوز التقية عليه فيما يكون عليه دلالة قاطعة موصلة الى العلم ، لان المكلف علته مزاحة في تكليفه ، وكذلك يجوز في النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أن لا يبين في الحال ، لامته ما يقوم منه بيان منه أومن الله أو عليه دلالة عقلية ، ولذلك قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لعمر حين سأله عن الكلالة فقال " يكفيك آية الصيف " وأحال آخر في تعرف الوضوء على الآية ، فأما ما لا يعرف الا من جهته ، فهو والامام فيه سواء لا يجوز فيهما التقية في شىء من الاحكام . واستدل الجبائي أيضا بالآية على ان الانبياء يجوز عليهم السهو والنسيان قال بخلاف ما يقوله الرافضة بزعمهم من أنه لا يجوز عليهم شىء من ذلك . وهذا ليس بصحيح أيضا لأنا نقول انما لا يجوز عليهم السهو والنسيان فيما يؤدونه عن الله ، فأما غير ذلك فانه يجوز أن ينسوه أو يسهو عنه مما لم يؤد ذلك إلى الاخلال بكمال العقل ، وكيف لا يجوز عليهم ذلك وهم ينامون ويمرضون ويغشى عليهم ، والنوم سهو وينسون كثيرا من متصرفاتهم أيضا وما جرى لهم فيما مضى من الزمان ، والذي ظنه فاسد . وقال أيضا في الآية دلالة على وجوب انكار المنكر لانه تعالى أمره بالاعراض عنهم على وجه الانكار والازدراء لفعلهم وكل أحد يجب عليه ذلك اقتداء بالنبي .