Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 6-6)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { ألم يروا } خطاب للغائب وتقديره ألم ير هؤلاء الكفار : ألم يعلموا { كم أهلكنا من قبلهم من قرن } . ثم قال { مكَّنَّاهم في الأرض ما لم نمكن لكم } فخاطب خطاب المواجه ، فكأنه اخبر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ثم خاطبه معهم ، كما قال : { حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بربح طيبة } فذكر لفظ الغائب بعد خطاب المواجه . ومعنى { من قرن } من أمة . قال الحسن : القرن عشرون سنة . وقال ابراهيم : اربعون سنة . وقال ابو ميسرة : هو عشر سنين . وحكى الزجاج والفراء : أنه ثمانون سنة وقال قوم : هو سبعون سنة . وقال الزجاج : عندي القرن هو أهل كل مدة كان فيها نبي أو كان فيها طبقة من أهل العلم ، قلت السنون او كثرت ، فيسمى ذلك قرنا ، بدلالة قوله ( ع ) : { خيركم قرني } يعني أصحابي { ثم الذين يلونهم } يعني التابعين { ثم الذين يلونهم } يعني تابعي التابعين . قال : وجائز أن يكون القرن جملة الامة ، وهؤلاء قرن فيها . واشتقاق القرن من الاقتران . وكل طبقة مقترنين في وقت قرن ، والذين يأتوا بعدهم ذووا اقتران : قرن آخر . وقوله { مكنَّاهم في الأرض } معناه جعلناهم ملوكا وأغنياء تقول مكنتك ، ومكنت لك واحد . وقوله { وأرسلنا عليهم السماء مدرارا } معناه أرسلنا عليهم مطرا كثيرا من السماء يقول القائل أصابتنا هذه السماء ، وما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم ، يعنون المطر . وقوله { مدراراً } يعني غزيرا دائماً كثيرا . وهو قول ابن عباس وأبي روق . و ( مفعال ) من ألفاظ المبالغة ، يقال ديمة مدراراً اذا كان مطرها غزيراً حادا ، كقولهم امرأة مذكار : اذا كانت كثيرة الولادة للذكور ، ومئناث في الاناث . ومفعال لا يؤنث ، يقال : امرأة معطار ومئناث ومذكار ، بغير هاء . بين الله تعالى أن هؤلاء الذين آتاهم الله هذه المنافع وأجرى من تحتهم الانهار ، ووسع عليهم ، ومكنهم في الارض ، لما كفروا بنعم الله وارتكبوا معاصيه أهلكهم الله بذنوبهم ، وانه انشأ قوما آخرين بعدهم . يقال : انشأ فلان يفعل كذا أي ابتدأ فيه . وموضع ( كم ) نصب بـ ( أهلكنا ) ، لان لفظ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ، فلذلك لا يجوز أن يكون منصوبا بـ ( يروا ) . فان قيل : كيف قال : { أو لم يروا } والقوم كانوا غير مقرين بما أخبروا به من شأن الامم قبلهم ؟ قيل : كان الكثير منهم مقرا بذلك فأنه دعي بهذه الآية الى النظر والتدبر ليعرف بذلك ما عرفه غيره .