Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 99-99)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

روى الأعشى والبرجمي { وجنات } بالرفع . الباقون " جنات " على النصب . وقرأ حمزة والكسائي وخلف { ثمره } و { كلوا من ثمره } وفي ( يس ) { لتأكلوا من ثمره } بضم الثاء والميم فيهن . الباقون بفتحها . من كسر التاء فلأنها تاء جمع المؤنث في موضع النصب عطفا على قوله { فأخرجنا به نبات كل شيء } فأخرجنا به " جنات " ومن رفع عطفها على القنوان في الاعراب وإِن لم يكن من جنسها ، كما قال الشاعر : @ ورأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا @@ أي وحاملا رمحا . ومن قرأ { ثمره } بالفتح فيهما فوجهه ان سيبويه يرى ان الثمر جمع ثمرة مثل بقرة وبقر وشجر وشجر وخرزة وخرز : ويقويه قوله ايضا { ومن ثمرات النخيل والأعناب } وقد كسِّر على ( فعال ) فقالوا : ثمار كما قالوا أكمة واكام ، وجذبة وجذاب ورقبة ورقاب . ومن جمعها احتمل امرين : أحدهما - أن يكون جمع ثمرة على ثمر ، مثل خشبة وخشب في قوله { كأنهم خشب مسندة } واكمة واكم في قول الشاعر : @ ترى الاكم منه سجداً للحوافر @@ ومن المعتل ساحة وسوح ، وقارة وقور ، ولابة ولوب وناقة ونوق . والثاني - أن يكون جمع ثمار على ثمر ، فيكون ثمر جمع الجمع ، وجمعوه على ( فعل ) كما جمعوه على ( فعايل ) في قولهم جمال وجمايل . ومعنى الآية أن الذي يستحق العبادة خالصة لا شريك له فيها سواه هو الذي أنزل من السماء ماء . وأصل الماء ماه إِلا أن الهمزة ابدلت من الهاء بدلالة قولهم أمواه في الجمع ومويه في التصغير . وقوله { فأخرجنا به نبات كل شيء } معناه أخرج بالماء الذي أنزله من السماء من غذاء الانعام والبهائم والطير والوحش وارزاق بني آدم واقواتهم ما يتغذون به ويأكلونه فينبتون عليه وينمون ، ويكون معنى قوله { فأخرجنا به نبات كل شيء } أخرجنا به ما ينبت كل شيء وينمو عليه ويصلح . ويحتمل أن يكون المراد أخرجنا به جميع أنواع النبات فيكون كل شيء هو اصناف النبات . والاول أحسن . وقوله { فأخرجنا به } يعني من الماء { خضرا } يعني أخضر رطبا من الزرع . والخضر والاخضر واحد يقال : خضرت الارض خضرا وخضارة . والخضرة رطب البقول يقال : نخلة خضرة اذا كانت ترمي ببسرها أخضرا قبل ان ينضج ، وقد اختضر الرجل واغتضر اذا مات شابا مصححا ، ويقال : هو لك خضرا مضرا أي هنيئا مريئا . وقوله { يخرج منه حبا متراكبا } يعني يخرج من الخضر حبا يعنى ما في السنبل من الحنطة والشعير والارز وغيرها من السنابل ، لان حبها يركب بعضه بعضا . وقوله { ومن النخل من طلعها } إِنما خص الطلع بالذكر لما فيه من المنافع العجيبة والاغذية الشريفة التي ليست في شيء من كمام الثمار . قوله { قنوان دانية } تقديره ومن النخل من طلعها ما قنوانه دانية ، ولذلك رفع القنوان . والقنوان جمع قنو ، كصنوان وصنو ، وهو العذب ، يقال لواحده قنو وقنوُّ ، وقني ويثنى قنوان على لفظ الجمع وقنيان وانما يميز بينهما بأعراب النون ، ويجمعِ قنوان وقنوان وفي الجمع القليل ثلاثة أقناء ، فالقنوان لغة أهل الحجاز ، والقنوان لغة قيس قال امرؤ القيس : @ فأتت اعياله وآدت اصوله ومال بقنوان من البسر أحمر @@ وقنيان وقنوان لغة تميم وقوله { دانية } معناه قريبة متهدلة ، وهو قول ابن عباس وقتادة والسدي والضحاك . وقال الجبائي دانية أي متدانية في حلوق النخل متكور بها . وقوله { وجنات } يعني وأخرجنا به أيضا جنات من أعناب يعني بساتين من اعناب . وقوله { والزيتون والرمان } عطف الزيتون على الجنات على تقدير وأخرجنا الزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه ، قال قتادة متشابه ورقه مختلف ثمره . ويحتمل أن يكون المراد مشتبها في الخلق مختلفا في الطعم . وقال الجبائي مشتبها ما كان من جنس واحد ، وغير متشابه اذا اختلف جنسه . والمعنى وشجر الرمان والزيتون ، فاكتفى بذكر ثمره عن ذكر شجره ، كما قال { واسأل القرية } فاكتفى بذكر القرية عن ذكر أهلها لدلالة الحال عليه . وقوله { انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه } الثمر جمع ثمرة ، وهو ما انعقد على الشجر يقال : ثمر الثمر اذا نضج والمراد اذا أطلع ثمره . وقوله " وينعه " قال بعضهم : اذا فتحت ياؤه فهو جمع يانع مثل صاحب وصحب وتاجر وتجر . وقال آخرون : هو مصدر قولهم ينع الثمر فهو ينع ينعا . ويحكى في مصدره ثلاث لغات يَنُع ويَنْع وينع ، وكذلك نضج ونضج ونضج قال الشاعر : @ في قباب حول دسكرة حولها الزيتون قد ينعا @@ وسمع أيضا أينعت الثمرة تونع إِيناعا فمعنى { وينعه } نضجه وبلوغه حين يبلغ وفي ينعه لغتان : فتح الياء وضمها ، فالفتح لغة اهل الحجاز والضم لغة نجد . وقال ابن عباس وقتادة والسدي والضحاك والطبري والزجاج وغيرهم : معنى وينعه ونضجه . وقوله { إِن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون } يعني في انزال الله الماء من السماء الذي أخرج به نبات كل شيء ، والخضر الذي أخرج منه الحب المتراكب وسائر ما عدد في الآية { لآيات } أي دلالات أيها الناس اذا نظرتم فيها أدَّاكم الى التصديق بتوحيده وخلع الانداد دونه ، وأنه لا يستحق العبادة سواه ، لان في ذلك بيانا وحججا وبرهانا لقوم يؤمنون ، فتصدقون بوحدانية الله وقدرته على ما يشاء . وانما خصَّ المؤمنين بالذكر ، لانهم المنتفعون بذلك والمعتبرون به ، كما قال { هدى للمتقين } وفي الآية دلالة على بطلان قول من يقول بالطبع ، لان من الماء الواحد والتربة الواحدة يخرج الله ثمارا مختلفة وأشجارا متباينة ولا يقدر على ذلك غير الله تعالى .