Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 109-110)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا حكاية ما قال أشراف قوم فرعون ، أن موسى ساحر عليهم بالسحر ، وإِنما قيل للأشراف الملأ لأمرين : أحدهما - قال الزجاج : لأنهم مليئون بما يحتاج اليه منهم . الثاني - لأنه يملأ الصدر هيبتهم ، فالملأ جعل الوعاء على كل ما يحتمل مما يلقى فيه كامتلاء المكيال ونحوه . ويقال : الخلاء والملأ على وجه التقابل ، وقوم فرعون هم الجماعة الذين كانوا يقومون بأمره ومعاونته ونصرته ، ولهذا لا يضاف القوم الى الله ، فلا يقال : يا قوم الله كما يقال يا عباد الله ، والسحر لطف الحيلة في إِظهار أعجوبة توهم المعجزة وقال الأزهري السحر صرف الشىء عن حقيقته الى غيره ، والساحر إِنما يكفر بادعاء المعجزة ، لأنه لا يمكن مع ذلك علم النبوة . وأصل السحر خفاء الأمر ، ومنه خيط السحارة ، لخفاء الأمر فيها ، ومنه قوله تعالى { إِنما أنت من المسحرين } أي الذين يعدون لخفاء الأمر في العدو ، والسحر العدو ، والسَّحَر آخر الليل لخفاء الشخص ببقية ظلمته ، والسحور طعام السحر ، والسحر الرئة وما تعلق بها لخفاء أمرها في انتفاخها تارة وضمورها أخرى ، قال ذو الرومة : @ وساحرة الشراب من الموامي يرقص في نواشرها الأروم @@ ويقال : سحر الأرض المطر اذا جادها فقطع نباتها من أصوله بقلب الأرض ظهراً لبطن ، سحرها سحراً والأرض مسحورة ، فشبه سحر الساحر بذلك بتخييله الى من سحره أنه يرى الشىء بخلاف ما هو به . ومعنى قوله تعالى { يريد أن يخرجكم من أرضكم } بإِزالة ملككم بتقوية أعدائكم عليكم . وقوله { من أرضكم } فالأرض المستقر الذي يمكن الحيوان التصرف فيه عليه . وجملة الأرض التي جعلها الله قراراً للعباد فاذا أضيفت ، فقيل أرض بني فلان ، فمعناه مستقرهم خاصة . وقوله { فماذا تأمرون } موضع ( ما ) يحتمل أن يكون رفعاً ، ويكون المعنى فما الذي تأمرون ، ويجوز أن يكون نصباً بمعنى فبأي شىء تأمرون ، ويجعل ( ما ) مع ( ذا ) بمنزلة اسم واحد ، وفي الجواب يتبيَّن الاعراب ، ويحتمل أن يكون قوله { فماذا تأمرون } من كلام الملأ بتقدير أن يكون قال بعضهم لبعض : ماذا تأمرون ، ويحتمل أن يكونوا قالوا ذلك لفرعون على خطاب الملوك ، ويحتمل أن يكون من كلام فرعون والتقدير قال فرعون : فماذا تأمرون خطاباً لقومه ، فعلى هذا تقول قلت لجاريتك قومي أنا قائمة ، وتقديره قالت : أنا قائمة ، وهو قول الفراء وأبي علي الجبائي ، وأنشد الفراء قول عنترة ، وزعم أن فيه معنى الحكاية : @ الشاتمي عرضي ولم أشتمهما والناذرين إِذا لقيتهما دمي @@ لأن المعنى قالا إِذا لقينا عنترة لنقتلنه .