Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 148-148)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة والكسائي { من حِلِيّهم } - بكسر الحاء واللام - الباقون بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء ، وقرأ يعقوب بفتح الحاء ، وسكون اللام ، وتخفيف الياء ، فوجه قراءة يعقوب أن ( الحلي ) اسم جنس يقع على القليل والكثير . ومن قرأ بضم الحاء ، فلأنه جمع ( حلي ) نحو ثِدِيِّ وثَدْي ، وإِنما جمعه لأنه أضافه الى جمع . ومن قرأ بكسر الحاء أتبع الكسرة الكسرة ، وكره الخروج من الضمة الى الكسرة ، واجراه مجرى ( قسي ) جمع ( قوس ) . أخبر الله تعالى عن قوم موسى أنهم اتخذوا من بعد مفارقة موسى لهم ومضيِّه الى ميقات ربه من حليهم ، ومعنى الاتخاذ الاعداد ، وهو ( إِفتعال ) من الأخذ وأصله يتخذ إِلا أن الياء تقلب في ( إِفتعل ) وتدغم لانها في موضع ثقيل في كلمة واحدة ، ولا يجوز في مثل ( أحسن نوماً ) الادغام ، والاتخاذ اجتباء الشيء لامر من الامور ، فهؤلاء اتخذوا العجل للعبادة ، والحلي ما أتخذ للزينة من الذهب والفضة ، يقال : حلي بعيني يحلا ، وحلا في فمي يحلو حلاوة ، وحليت الرجل تحلية اذا وضعته بما يرى منه . وقد تحلى بكذا أي تحسن به ، والعجل ولد البقرة القريب العهد بالولادة ، وهو العجول أيضاً ، وإِنما أخذ من تعجيل أمره لصغره . وقيل : إِنهم عملوا العجل من الذهب ، وقوله { جسداً له خوار } فالجسد جسم الحيوان مثل البدن ، وهو روح وجسد ، والروح ما لطف ، والجسد ما غلظ ، والجسم يقع على جسد الحيوان وغيره من الجمادات ، والخوار صوت الثور ، وهو صوت غليظ كالجؤار ، وبناء ( فعال ) يدل على الآفة نحو الصراخ ، والعوار والسكات والعطاش والنباح . وفي كيفية خوار العجل مع أنه مصوغ من الذهب خلاف ، فقال الحسن : قبض السامري قبضة من تراب من أثر فرس جبرائيل ( ع ) يوم قطع البحر فقذف ذلك التراب في فم العجل ، فتحول لحماً ودماً ، وكان ذلك معتاداً غير خارق للعادة ، وجاز أن يفعل الله لمجرى العادة . وقال الجبائي والبلخي : إِنما احتال بادخال الريح فيه حتى سمع له كالخوار ، كما قد يحتال قوم اليوم كذلك . ثم أخبر تعالى فقال { ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا } على وجه الانكار عليهم والتعجب من جهلهم وبعد تصورهم ، فقال : كيف يعبدون هذا العجل ، وهم يشاهدونه ، ولا يكلمهم ولا يتأتى منه ذلك ، ولا يهديهم الى سبيل خير . ثم قال { اتخذوه } إِلهاً { وكانوا ظالمين } في اتخاذهم له إِلهاً واضعين للعبادة في غير موضعها . والحلي الذي صاغ السامري منه العجل كانوا أصابوه من حلي آل فرعون قذفه البحر ، فقال السامري لـ ( هارون ) : إِن هذا حرام كله وينبغي أن نحرقه كله أو نصرفه في وجه المصلحة ، فأمر هارون بجمع ذلك كله ، وأخذه السامري لأنه كان مطاعاً فيهم ، فصاغه عجلاً وكان صائغاً ، وطرحه في النار وطرح معه التراب الذي معه .