Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 154-154)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
معنى قوله { ولم سكت } سكن ، وسمي ذلك سكوتاً وإِن كان الغضب لا يتكلم ، لأنه لما كان بفورته دالاً على ما في النفس من المغضوب عليه كان بمنزلة الناطق بذلك ، فاذا سكنت تلك الفورة كان بمنزلة الساكت عما كان متكلماً به والسكوت في هذا الموضع أحسن من السكون ، لتضمنه معنى سكوته عن المعاتبة لأخيه ، مع سكون غضبه . والسكوت هو الامساك عن الكلام بهيئة منافية لسببه ، وهو تسكين آلة الكلام . وإِنما قيل : سكت الغضب وسكت الحزن على طريق المجاز إِلا أنه في شيء يظهر أثره ، فيكون بمنزلة الناطق به ، قال أبو النجم : @ وهمَّت الافعى بأن تسيحا وسكت المكاء أن يصيحا @@ فإِن قيل : كيف جاز أن يستفزه غضب الحمية عن غضب الحكمة ؟ قلنا : ليس كذلك ، ولكن غضب الحكمة صحبه غضب الحمية لما توجبه الحكمة . وسكون الغضب عن موسى ( ع ) لا يدل على أن قومه كانوا تابوا من عبادة العجل ، لأنه يحتمل أن تكون زالت فورة الغضب ولم يزل الغضب ، لأنه لم يخلص توبتهم بعد . ويحتمل أن يكون زال غضبه لتوبتهم من كفرهم ، وإِذا احتمل الأمران لم يحكم بأحدهما إِلا بدليل . وقوله تعالى { أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون } معناه أنه لما سكن غضبه رجع فأخذ الألواح التي كان ألقاها ، وكان الالواح مكتوبا فيها ما هو هدى وحجة وبيان ورحمة للذين هم لربهم يرهبون بمعنى يخافون عقابه ، ويجوز أن يقال : لربهم يرهبون ، ولا يجوز يرهبون لربهم ، لأنه اذا تقدم المفعول ضعف عمل الفعل فيه فصار بمنزلة ما لا يتعدى في دخول اللام عليه تقدم أو تأخر ، كما قال تعالى { ردف لكم } وفي الآية دلالة على أنه يجوز إِلقاء التوراة للغضب الذي يظهر بالقائها ثم أخذها ، للحكمة التي فيها من غير أن يكون إِلقاؤها رغبة عنها .