Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 156-156)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا تمام الاخبار عما قال موسى وقومه الذين كانوا معه ، وأنهم سألوا الله تعالى المغفرة وأن يكتب لهم في هذه الدنيا حسنة وهي النعمة ، وإِنما سميت النعمة حسنة وإِن كانت الحسنة اسم الطاعة لله لأمرين : أحدهما أن النعمة تتقبلها النفس كما يتقبل العقل الحسنة التي هي الطاعة . والآخر - أن النعمة ثمرة الطاعة لله عز وجل ، وإِنما سألوا أن يكتب لهم ، ولم يسألوا أن يجعل لهم ، لأن ما كتب من النعمة أثبت لا سيما اذا كانت الكتابة خبراً بدوام النعمة ، ويقال كتب له الرزق في الديوان ، فيدل على ثبوته على مرور الأزمان . { وفي الآخرة } معناه واكتب لنا في الآخرة أيضاً النعمة التي هي الثواب { إِنا هدنا إليك } قال ابن عباس معناه تبنا اليك ، وبه قال سعيد بن جبير وابراهيم وقتادة ومجاهد . وأصله الرجوع من هاد يهود ، فهو هايد اذا رجع ، فمعناه رجعنا بتوبتنا اليك ، والتهويد الترفق في السير والتفريج والتمكث . وقال أبو وجرة : - هدنا - بكسر الهاء من هاد يهيد ، وهو شاذ ، وثوب مهود أي مرقع ذكره الجبائي ، وليس اليهود مشتقاً منه ، بل إِنما قيل يهودي ، لأنه نسب الى يهوذا ، لكن العرب غيرته في النسب . وقوله { قال عذابي أصيب به من أشاء } حكاية عما أجابهم الله به من أن عذابه يصيب به من يشاؤه ممن استحقه بعصيانه . وقيل : إِنما علقه بالمشيئة ولم يعلقه بالمعصية لأمرين : أحدهما - الاشعار بأن وقوعه بالمشيئة له ، دون المعصية . الثاني - انه لا يشأ ذلك إِلا على المعصية ، فأيهما ذكر دل على الآخر وعندنا أنه علقه بالمشيئة ، لأنه كان يجوز الغفران عقلاً بلا توبة . وقوله { ورحمتي وسعت كل شيء } معناه إِني أقدر أن أنعم على كل شىء يصح الانعام عليه ، وقيل : المعنى إِنها تسع كل شىء إِن دخلوها ، فلو دخل الجميع فيها لو سمعتهم الا أن فيهم من يمتنع منها بالضلال بأن لا يدخل معه فيها ، وقال ابن عباس : وهي خاصة في المؤمنين ، وقال الحسن وقتادة هي عامة للبر والفاجر - في الدنيا - خاصة . وفي الآخرة للبر . وقوله { فسأكتبها للذين يتقون } معناه إِن الرحمة في الآخرة مكتوبة للذين يتقون معاصيه ويحذرون عقابه { ويؤتون الزكاة } قيل في معناه - ها هنا - قولان : أحدهما - يخرجون زكاة أموالهم ، فذكره ، لانه من أشق فرائضهم . الثاني - يطيعون الله ورسوله في قول ابن عباس والحسن ذهبا الى ما يزكي النفس ويطهرها من الأعمال ، والذين هم بآياتنا يؤمنون يعني أكتبها للذين يصدقون بآيات الله وحججه وبيناته ، وليس اذا كتب الرحمة للذين يتقون منع أن يغفر للعصاة والفساق بلا توبة ، لأن الذي تفيده الآية القطع على وصول الرحمة الى المتقين ، والفساق ليس ذلك بمقطوع لهم وإن كان مجوَّزاً .