Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 188-188)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن يقول للمكلفين إني { لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله } ان يملكني إياه فمشيئته تعالى في الآية واقعة على تمليك النفع والضر لا على النفع والضر ، لانه لو كانت المشيئة إنما وقعت على النفع والضر كان الانسان يملك ما شاء الله من النفع ، وكان يملك الأمراض والاسقام وسائرها ما يفعله الله فيه مما لا يجد له عن نفسه دفعاً . ومعنى الاية إني املك ما يملكني الله من الاموال وما اشبهها مما يملكهم ويمكنهم من التصرف فيها على ما شاؤا ، وكيف شاؤا . والضر الذي ملكهم الله إياه هو ما مكنهم منه من الاضرار بأنفسهم وغيرهم ، ومن لم يملكه الله شيئاً منه لم يملكه . وذلك يفسد تأويل المجبرة الذين قالوا : معنى الاية إن الله يريد جميع ما ينال الناس من النفع والضرر وإن كان ظلماً وجوراً من أفعال عباده . وقوله عز وجل { ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء } معناه إني لو كنت أعلم الغيب لعلمت ما يربح من التجارات في المستقبل وما يخسر من ذلك فكنت اشتري ما اربح واتجنب ما اخسر فيه ، فتكثر بذلك الاموال والخيرات عندي ، وكنت أعده في زمان الخصب لزمان الجدب { وما مسني السوء } يعني الفقر إذا فعلت ذلك . وقيل : وما مسني تعذيب . وقيل : وما مسني جنون جواباً لهم حين نسبوه إلى الجنون . وقال ابن جريج { لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت } من العمل الصالح قبل حضور الاجل ، وهو قول مجاهد وابن زيد . وقال البلخي : لو كنت اعلم الغيب لكنت قديماً ، والقديم لا يمسه السوء لان احداً لا يعلم الغيب الا الله . وفي الآية دلالة على ان القدرة قبل الفعل ، لأن قوله { لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير } يفيد أنه كان قادراً لأنه لو لم تكن القدرة إلا مع الفعل لو علم الغيب لما امكنه الاستكثار من الخير وذلك خلاف الآية . وقوله تعالى { إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون } معناه لست الا مخوفاً من العقاب محذراً من المعاصي ومبشراً بالجنة حاثاً عليها غير عالم بالغيب { لقوم يؤمنون } فيصدقون بما اقول ، وخصهم بذلك لانهم الذين ينتفعون بانذاره وبشارته دون من لا يصدق به كما قال { هدى للمتقين } .