Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 23-23)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في هذه الآية حكاية عما قال آدم وحواء ( ع ) لما عاتبهما الله ووبخهما على ارتكابهما ما نهاهما عنه ، واخبار عن اعترافهما على أنفسهما بأن قالا { ربنا ظلمنا أنفسنا } ومعناه بخسناها الثواب بترك المندوب اليه . والظلم هو النقص . وعلى مذهب من يقول انهما فعلا صغيرة لا بد ان يحمل قوله { ظلمنا أنفسنا } على تنقيص الثواب ، لان عندهم ان الصغيرة انقصت ثواب طاعاتهم ، فكان ذلك ظلما للنفس ، فأما من يقول : ان الصغيرة تقع مكفرة من غير ان تنقص من ثواب فاعلها شيء ، فلا يتصور معنى لقوله { ظلمنا أنفسنا } ولا يثبت فيهما فائدة ، لانهما لم يستحقا عقابا بلا خلاف . وصفة ظالم مفارقة لقولنا : ظلمنا ، لان الظالم اسم ذم في اكثر التعارف ، وظلم قد يستعمل في غير المستحق للعقاب والذم ، كما ان اسم ( مؤمن ) اسم مدح لمستحق الثواب ، وآمن يؤمن بخلاف ذلك عند القائلين بالوعيد . وقوله { وإن لم تغفر لنا } معناه ان لم تستر علينا ، لان الغفر هو الستر على ما بيناه فيما مضى ، وعلى مذهب من يقول : ان معصيتهم كانت صغيرة وقعت مكفرة لا معنى لقوله { وإن لم تغفر لنا } ، لان الغفران كائن لا محالة ، ولا يحسن المؤاخذة به . وقوله { لنكونن من الخاسرين } المعنى ان لم تتفضل علينا بنعمك التي تتم بها ما فوتناه نفوسنا من الثواب بضروب تفضلك لنكونن من جملة من خسر ، ولم يربح . والانسان يصح ان يظلم نفسه بأن يدخل عليها ضررا غير مستحق ، ولا يدفع عنها ضررا أعظم ، ولا يجتلب منفعة توفي عليه . ولا يصح ان يكون معاقبا لنفسه ، ويجوز ان يأمر الله تعالى المكلف ان يضَّر بنفسه ، ولا يحسن ان يأمره ان يعاقب نفسه ، لان امر الحكيم يدل على الترغيب في الشىء ، ولا يجوز أن يرغبه في عقابه ، كما لا يجوز ان يرغبه في ذمه ولعنه .