Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 4-4)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
( كم ) لفظة موضوعة للتكثير و ( رب ) للتقليل . وانما كان كذلك ، لان ( رب ) حرف ، و ( كم ) اسم . والتقليل ضرب من النفي و ( كم ) تدخل في الخبر بمعنى التكثير . فأما في الاستفهام ، فلا ، لان الاستفهام موكول الى بيان المجيب والخبر الى بيان المخبر ، وانما دخلها التكثير ، لان استبهام العدد ان يظهر او يضبط انما يكون لكثرته في غالب الامر ، فـ ( كم ) مبهمة قال الفرزدق : @ كم عمة لك يا جرير وخالة فدعاء قد حلبت عليَّ عشاري @@ فدل بـ ( كم ) على كثرة العمات ، وموضع ( كم ) في الآية رفع بالابتداء وخبرها ( أهلكناها ) ولو جعلت في موضع نصب جاز ، كقوله { إنا كل شيء خلقناه بقدر } والاول أجود . اخبر الله تعالى - على وجه الترهيب للكفار والايعاد لهم - أنه اهلك كثيرا من القرى ، يعني أهلها بما ارتكبوه من معاصيه ، والكفر به ، وانه أنزل عليهم بأسه ، يعني عذابه { بيانا } يعني في الليل { أو هم قائلون } يعني في وقت القيلولة ، وهو نصف النهار . وأصله الراحة ، فمعنى أقلته البيع أرحته منه باعفائي اياه من عقده ، وقلت اذا استرحت الى النوم ، في وسط النهار : القائلة . والاخذ بالشدة في وقت الراحة أعظم في العقوبة فلذلك خص الوقتين بالذكر . وقيل في دخول الفاء في قوله { فجاءها بأسنا بياتا } ثلاثة أقوال : أحدها - أهلكناها في حكمنا { فجاءها بأسنا } وقد قيل : هو مثل زرني واكرمني فان نفس الاكرام هي الزيارة ، قال الرماني : وليس هذا مثل ذلك ، لان هذا انما جاز لانه قصد الزيارة . ثم الاكرام بها . والثاني - قال قوم { أهلكناها فجاءها بأسنا } أي فكان صفة اهلاكنا أن جاءهم بأسنا . والثالث - أهلكناها فصح انه جاءها بأسنا . وقال الفراء الفاء بمعنى الواو ، وقال الرماني : هذا لا يجوز ، لانه نقل للحرف عن معناه بغير دليل . وقال بعضهم : ان المعنى أهلكناها بخذلاننا لها عن الطاعة فجاءها بأسنا عقوبة على المعصية ، وهذا لا يجوز لانه ليس من صفة الحكيم ان يمنع من طاعته حتى تقع المعصية ، ثم يعاقب عليها . وقوله { أو هم قائلون } قال الفراء : واو الحال مقدرة فيه ، وتقديره أو { وهم قائلون } وانما حذفت استخفافا . وقال الزجاج وجميع البصريين لا يحتاج الى ذلك ، لانه يستغني برجوع الذكر عن الواو ، كما يقال : جاءني زيد راجلا او هو فارس ، او جاءني زيد هو فارس لم يحتج الى واو ، لان الذكر قد عاد على الاول . فمعنى الآية ان الله اهلك اهل قريات كثيرة بتمردهم في المعاصي ، وحذر من ان يعمل مثل عملهم فينزل بالعامل مثل ما نزل بهم .