Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 51-51)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يحتمل قوله { الذين اتخذوا دينهم } أن يكون في موضع جرٍّ بأن يكون صفة للكافرين ، ويكون ذلك من قول أهل الجنة ، وتقديره { إِن الله حرمهما على الكافرين الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً } . ويحتمل أن يكون رفعاً بالابتداء ويكون إِخباراً من الله تعالى على وجه الذم لهم . و { اتخذوا } وزنه وزن ( افتعلوا ) والاتخاذ الافتعال ، وهو أخذ الشىء باعداد الأمر من الأمور ، فهؤلاء أعدوا الدِّين للهو واللعب . ومعنى الدين - ها هنا - ما أمرهم الله تعالى به ورغبهم فيه مما يستحق به الجزاء . واصل الدين الجزاء ، ومنه قوله { ملك يوم الدين } واللهو طلب صرف الهمِّ بما لا يحسن أن يطلب به ، فهؤلاء طلبوا صرف الهمَّ بالتهزيء بالدين وعيب المؤمنين ، واللعب طلب المدح بما لا يحسن ان يطلب به مثل حال الصبي في اللعب واشتقاقه من اللعاب وهو المرور على غير استواء . وأصل اللهو الانصراف عن الشىء ومنه قوله ( إِذا استأثر الله بشىء لاه عنه ) أي انصرف عنه . وقوله { وغرَّتهم الحياة الدنيا } فمعنى الغرور تزيين الباطل للوقوع فيه ، غرَّه يغره غروراً . وإِنما اغتروا هم بالدنيا في الحقيقة فصارت وكأنها غرتهم . والدنيا هي النشأة الاولى . والآخرة النشأة الآخرى ، وسميت الدنيا دنياً لدنوها من الحال ، وهما كرتان ، فالكرة الاولى الدنيا ، والكرة الثانية هي الآخرة . وقوله { فاليوم ننساهم } قيل في معناه قولان : أحدهما - نتركهم من رحمتنا بأن نجعلهم في النار - في قول ابن عباس والحسن ومجاهد والسدي - فسمى الجزاء على تركهم طاعة الله نسياناً ، كما قال { وجزاء سيئة سيئة مثلها } والجزاء ليس سيئة . الثاني - أنه يعاملهم معاملة المنسيين في النار ، لأنه لا يجاب لهم دعوة ولا يرحم لهم عبرة - في قول الجبائي - { كما نسوا لقاء يومهم } معناه كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم ، هذا على القول الاول . وعلى الثاني - كما نسوا في أنهم لم يعملوا به مثل الناسين لذلك لا نجيب لهم دعوة ، لأنهم نسوا . وقوله { وما كانوا بآياتنا يجحدون } فالجحد إِنكار معنى الخبر . واما إِنكار المنكر ، فبكل ما يصرف عن فعله الى تركه . و ( ما ) في الموضعين مع ما بعدها بمنزلة المصدر ، والتقدير كنسيانهم لقاء يومهم هذا ، وكونهم جاحدين لآياتنا .