Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 92-92)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الذين } الأولى في موضع رفع بأنه مبتدأ وخبره { كأن لم يغنوا فيها } . وهذه الآية إِخبار من الله تعالى عن حال هؤلاء الكفار الذين كذبوا شعيباً . وشبههم بمن لم يغن فيها ، ومعنى { لم يغنوا } لم يقيموا اقامة مستغن بها عن غيرها ، والغاني النازل ، والمغاني المنازل ، وغنى بالمكان اذا أقام به يغني غناء وغنياً ، وقال النابغة : @ غنيت بذلك اذ هم لك جيرة منها بعطف رسالة وتودد @@ وقال آخر : @ ولقد تغنى بها جيرانك الممـ سكوا منك بعهد الوصال @@ وقال رؤبة : @ وعهد مغني رمته بضلفعا @@ وقال حاتم طي : @ غنينا زماناً بالتصعلك فكلا سقاناه بكأسيهما الدهر فما زادنا بغياً على ذي قرابة غنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر @@ ووجه التشبيه في قوله { كأن لم يغنوا فيها } أن حال المكذبين يشبه حال من لم يكن قط في تلك الديار ، لما أخذتهم الرجفة بالاهلاك ، وهذا مما يتحسر عليه الناس اعظم الحسرة كما قال الشاعر : @ كأن لم يكن بين الجحون الى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر بلى نحن كنا أهلها فأبادنا صروف الليالي والجدود العواثر @@ وإِنما أعيد ذكر ( الذين ) دفعة ثانية من غير كناية لتغليظ الأمر في تكذيبهم شعيباً مع بيان أنهم الذين حصلوا على الخسران ، لا من نسبوه الى ذلك من أهل الايمان . و { هم } في قوله { هم الخاسرون } فصل ، ويسميه الكوفيون عماداً ، وإِنما دخل الفصل مع أن المضمر لا يوصف ، لأنه يحتاج فيه الى التوكيد ليتمكن معناه في النفس ، وان الذي بعده من المعرفة لا يخرجه ذلك من معنى الخبر ، وإِن كان الأصل في الخبر النكرة . وهذه الآية جواب لقولهم { لئن اتبعتم شعيباً إِنكم إِذاً لخاسرون } فبين الله في هذه الآية أن الخاسرين هم الذين كذبوه لا الذين اتبعوه .