Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 11-11)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير وابو عمرو { يغشاكم } بفتح الياء وسكون الغين وبألف مخفف . وقرأه اهل المدينة - بضم الياء وسكون الغين وكسر الشين مخفاً من غير الف . الباقون بضم الياء وفتح الغين وتشديد الشين وكسرها من غير الف . وكلهم نصب النعاس إلا ابن كثير وابو عمرو ، فانهما رفعاه . وحجة من فتح الياء قوله { أمنة نعاساً يغشى } فكما اسند الفعل إلى النعاس والأمنة ، كذلك ها هنا . ومن قرأ بضم الياء وشدد الشين او خففها ، فالمعنى واحد . قال الله تعالى { فأغشيناهم فهم لا يبصرون } وقال { فغشاها ما غشى } وقال { كأنما أغشيت وجوههم } وحجتهما أنه أشبه بما بعده . لأنه قال { وينزل عليكم من السماء ماء } فكما أن { ينزل } مسند إلى اسم الله كذلك { يغشي } . و " الغشيان " لباس الشيء ما يتصل به ، ومنه غشي الرجل إمرأته ، فكأن النعاس قد لابسهم بمخالطته إياهم . و { النعاس } ابتداء حال النوم قبل الاستثقال فيه ، وهو السنة ، تقول : نعس ينعس نعاساً فهو ناعس . وحكى الفراء أنه سمع نعسان . و " الأمنة " الدعة التي تنافي المخافة ، تقول : أمن أمناً وأماناً وأمنة . وانتصب { أمنة } بأنه المفعول له ، والعامل فيه " يغشى " . وقوله { وينزل عليكم من السماء ماء } يعني مطراً وغيثاً . وقوله : { ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان } قال ابن عباس : معناه يذهب عنكم وسوسة الشيطان ، بأنه غلبكم على الماء المشركون حتى تصلوا وانتم مجنبين ، لأن المسلمين باتوا ليلة بدر على غير ماء ، فأصبحوا مجنبين ، فوسوس اليهم الشيطان ، فيقول : تزعمون أنكم على دين الله وانتم على غير الماء تصلون مجنبين ، وعدوكم على الماء ، فأرسل الله عليهم السماء ، فشربوا واغتسلوا وأذهب به وسوسة الشيطان ، وكانوا في رمل تغوص فيه الأقدام ، فشدده المطر حتى تثبت عليه الرجال فهو قوله { ويثبت به الأقدام } . والهاء في { به } راجعة إلى الماء . وقال ابن زيد : يذهب بوسوسته أنه ليس لكم بهؤلاء طاقة . وقال الجبائي : لان الاحتلام بوسوسة الشيطان . وقوله { وليربط على قلوبكم } معناه ليشد عليها بما يسكنها . وقوله { ويثبت به الأقدام } قيل في معناه قولان : أحدهما - قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وأكثر المفسرين : لتلبيده الرمل الذي لا يثبت عليه القدم . والثاني - الصبر الذي افرغه عليهم عند ذلك حتى ثبتوا لعدوهم - في قول ابي عبيدة والزجاج - . و { إذ } في موضع نصب على معنى وما جعله الله إلا بشرى في ذلك الوقت ، ويجوز على تقدير إذكروا { إذ يغشاكم } .