Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 30-30)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله فقال : واذكر { إذ يمكر بك الذين كفروا } والمكر الفتل إلى جهة الشر في خفى وأصله الالتفاف من قول ذي الرمة . @ عجزاء ممكورة خمصانة قلق عنها الوشاح وتم الجسم والقصب @@ اي ملتفة . والمكر والختل والغدر نظائر . والفرق بين المكر والغدر ان الغدر نقض العهد الذي يلزم الوفاء به ، والمكر قد يكون ابتداء من غير عقد . ووصف الله تعالى بأنه ماكر يحتمل وجهين : احدهما - انه سمى الجزاء على المكر مكراً للازدواج ، كقوله { الله يستهزئ بهم } اي يجازيهم على الاستهزاء فيكون التقدير والله خير المجازين على المكر ، ذكره الزجاج ، والثاني - ان يكون على غير تضمن الحيلة لكن على اصل اللغة . قال ابو علي : ومكره بهم حق وصواب { وهو خير الماكرين } مكراً . وقوله " ليثبتوك " قيل في معناه قولان : احدهما - ليثبتوك في الوثاق ، في قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة . والثاني - قال عطا وعبد الله بن كثير ، والسدي { ليثبتوك } في حبس وقال ابو علي الجبائي : معناه ليخرجوك ، يقال : اثبته في الحرب إذا جرحه جراحة ثقيلة . وقوله { او يخرجوك } قال الفراء : او يخرجوك علي بعير تطرد به حتى تهلك او يكفيكموه بعض العرب . وهو قول ابي البختري وهشام . وكان سبب ذلك أنهم تآمروا في دار الندوة ، فقال عمرو بن هشام : قيدوه تتربصون به ريب المنون . وقال البختري : أخرجوه عنكم تستريحوا من أذاه لكم . وقال أبو جهل : ما هذا برأي ، ولكن اقتلوه بان يجتمع عليه من كل بطن رجل فيضربونه بأسيافهم ضربة رجل واحد ، فترضى حينئذ بنو هاشم بالدية فصوب إبليس هذا الرأي وخطأ الأولين وزيفهما ، فاوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وآله بذلك فامره بالخروج ، فخرج إلى الغار ، في قول ابن عباس ، ومجاهد وقتادة ، وهو قوله { ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين } ولا خلاف بين المفسرين أنه بات عليّ تلك الليلة ، وهي الليلة التي أمر النبي صلى الله عليه وآله بالخروج على فراشه إلى أن اصبح ، وكانوا يحرسونه إلى الصباح ، ولما طلع الفجر ثاروا اليه فاذا علي ، قالوا له أين صاحبك ؟ قال : لا أدري ، فتركوه وخرجوا في أثره .