Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 39-40)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أمر الله تعالى بهذه الآية نبيه صلى الله عليه وآله والمؤمنين ان يقاتلوا الكفار { حتى لا تكون فتنة } وهي الكفر من غير اهل العهد ، وما جرى مجراه من البغي ، لأنهم يدعون الناس إلى مثل حالهم بتعززهم على اهل الحق وتطاولهم فيفتنونهم في دينهم . وقال ابن عباس ، والحسن : معناه حتى لا يكون شرك . وقال ابن اسحاق حتى لا يفتن مؤمن عن دينه . والفرق بين قوله { حتى لا تكون فتنة } وبين قوله حتى لا يكون كفر هو ان الذليل والأسير والشريد لا يفتن الناس في دينهم لان الذل لا يدعوا إلى حال صاحبه كما يدعو العزّ . وقوله { ويكون الدين كله لله } معناه ان يجمع اهل الباطل وأهل الحق على الدين الحق فيما يعتقدونه ويعملون به ، فيكون الدين كله حينئذ لله بالاجتماع على طاعته وعبادته ، والدين ها هنا الطاعة بالعبادة . وقوله { فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير } معناه فان رجعوا عن الكفر وانتهوا عنه فان الله يجازيهم مجازاة البصير بهم وبأعمالهم باطنها وظاهرها لا يخفى عليه شيء منها . وقوله { وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم } قيل في معناه قولان : احدهما - وان تولى هؤلاء الكفار واعرضوا عن الدين الحق واتباعه فثقوا بالله وتذكروا ما وعدكم به ايها المؤمنون تسكيناً لنفوسهم وتمكيناً للحق عندهم . والثاني - فاعلموا ان الله ينصركم عليهم على طريق الأمر بعلم هذا ليكونوا على بصيرة في ان الغلبة لهم وقوله { وإن تولوا } شرط . وقوله { فاعلموا أن الله } امر في موضع الجواب ، وإنما جاز ذلك لان فيه معنى الخبر ، فلم يخرج من ان يجب الثاني بالاول ، كأنه قال فواجب عليكم العلم بأن الله مولاكم او فينبغي ان تعلموا ان الله مولاكم . والمولى ها هنا هو الناصر . وهو الذي يوليكم عن الغلبة . والمولى على اقسام بمعنى الناصر وبمعنى الحليف ، وبمعنى المعنق والمعتق . وبمعنى الأولى والأحق كما قال لبيد : @ فقدت كلا الفرحين يحسب انه مولى المخافة خلفها وامامها @@ ومنه قول النبي صلى الله عليه وآله " ايما امراة نكحت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل " اي من هو اولى بالعقد عليها . وقال الأخطل يمدح عبد اللملك بن مروان : @ فاصبحت مولاها من الناس كلهم واحرى قريش ان تهاب وتحمدا @@ وقال ابو عبيدة : ومنه قوله " النار مولاهم " معناه الاولى بهم واستشهد ببيت لبيد المتقدم ذكره . وقد استوفينا اقسام مولى في غيره هذا الموضع فلا نطول بذكره ها هنا . والتولي عن الدين هو الذهاب عنه إلى خلافه وهو والاعراض بمعنى واحد والتولي في الدين هو الذهاب إلى جهة الحق ومتابعة النبي صلى الله عليه وآله والنصرة له والمعونة له .