Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 42-42)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن كثير وابو عمرو { بالعدوة } بكسر العين ، الباقون بضمها وهما لغتان قال الراعي في الكسر : @ وعينان حمر مآقيهما كما نظر العدوة الجؤذر @@ وقال أوس بن حجر في الضم : @ وفارس لا يحل الحي عدوته ولوا سراعاً وما هموا باقبال @@ والعدوة شفير الوادي . وقال البصريون : الكسر اكثر اللغات . وقال احمد ابن يحيي : بالضم اكثر . وقال قوم : هما لغتان سواء ، وقرأ نافع وابو بكر عن عاصم وابن كثير في رواية البزي وشبل " حيي " باظهار الياءين . وقرأ الباقون بالادغام وإنما جاز الادغام في ( حيي ) للزوم الحركة في الثاني يجري مجرى ( ردّوا ) إذا اخبروا عن جماعة قالوا : حيوا فخففوا وقد جاء مدغماً ، فقالوا حيوا ومن اختار الاظهار ، فلامتناع الادغام في مضارعه من يحيي فجرى على شاكلته قال الزجاج ، لأن الحرف الثاني ينتقل عن لفظ الياء تقول حيي يحيى فاما احيا يحيي فلا يجوز فيه الادغام عند البصريين ، لان الثاني إذا سكن في الصحيح من المضاعف في نحو لم يردد كان الاظهار أجود فالمعتل بذلك أولى ، لان سكونه ألزم فلذلك وجه الاظهار في ( يحيي ) لانه أحق من ( لم يردد ) لان السكون له ألزم وقد أجاز الفراء الادغام في يحيي وانشد بيتاً لا يعرف شاعره : @ وكانها بين النساء سبيكة تمشي بشدة بأنها فتعي @@ تقدير معنى الآية واذكروا أيها المؤمنون { إذ أنتم بالعدوة } وهي الجهة التي هي نهاية الشيء من احد جانبيه . ومنه قولهم عدوتا الوادي . وهما شفيراه وجانباه . و { الدنيا } بمعنى الأدنى إلى المدينة . و { القصوى } بمعنى الأقصى منها إلى جهة مكة ، وذلك ان النبي صلى الله عليه وآله واصحابه نزلوا بالجانب الأدنى إلى المدينة . وقريش نزلت بالجانب الأقصى منها إلى مكة فنزلا الوادي بهذه الصفة ، قد اكتنفا شفيريه . وقوله { والركب أسفل منكم } يعني ابا سفيان واصحابه في موضع اسفل منكم إلى ساحل البحر . وإنما نصب اسفل ، لان تقديره بمكان اسفل . فهو في موضع خفض ، ونصب لانه لا ينصرف وكان يجوز الرفع على تقدير والركب أشد سفلا منكم ، ومن نصب يجوز ان يكون اراد والركب مكاناً اسفل منكم بجعله ظرفاً . والذي حكيناه ، هو قول الحسن ، وقتادة ، وابن اسحاق ومجاهد والسدي . واصل الدنيا الدنو بالواو ، بدلالة قولهم دنوت إلى الشيء أدنو دنواً ، فقلبت الواو ياء . ولم تقلب مثل ذلك في القصوى ، لأنه ذهب بالدنيا مذهب الاسم في قولهم الدنيا والاخرة ، وان كان اصلها صفة ، فخففت . لأن الاسم احق بالتخفيف . وتقول : ادناه ادناء واستدناه استدناء ، وتدانوا تدانياً . وداناه مداناة . و ( العلو ) قرار تحته قرار . و ( السفل ) قرار فوقه قرار ، تقول : سفل يسفل سفلا ، وتسفل تسفلا وتسافل تسافلا وسفل تسفيلا ، وسافله مسافلة ، وهو الاسفل ، وهي السفلى . وقوله { ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد } والمواعدة وعد كل واحد من الاثنين الآخر وتواعدوا تواعداً . و ( الاختلاف ) مذهب كل واحد من الشيئين في نقيض الآخر ، ومنه الاختلاف في الميعاد لذهاب كل واحد من الفريقين فيما يناقض الميعاد من التقدم والتأخر والزيادة والنقصان عما انعقد به الميعاد . وقيل : اختلافهم في الميعاد بمعنى " لو تواعدتم " أيها المؤمنون على الاجتماع في الموضع الذي اجتمعتم فيه ثم بلغكم كثرة عددهم مع قلة عددكم لتأخرتم فنقضتم الميعاد ، في قول ابن اسحاق . ووجه آخر { ولو تواعدتم } من غير لطف الله لكم { لاختلفتم } بالعوائق والقواطع فذكر الميعاد لتأكيد امره في الاتفاق ولولا لطف الله مع ذلك لوقع على الاختلاف كما قال الشاعر : @ جرت الرياح على محل ديارهم فكانما كانوا على ميعاد @@ وقوله { ليقضي الله أمراً كان مفعولاً } معناه ليفصل الله امراً كان مفعولا من عز الاسلام وعلو اهله على عبدة الاوثان وغيرهم من الكفار بحسن تدبيره ولطفه . وقوله { ليهلك من هلك عن بينة } معناه ليهلك من هلك عن قيام حجة عليه بما رأى من المعجزات الباهرات للنبي صلى الله عليه وآله في حروبه وغيرها { ويحيى من حي عن بينة } يعني ليستبصر من استبصر عن قيام حجة ، فجعل الله المتبع للحق بمنزلة الحي ، وجعل الضال بمنزلة الهالك . وقوله : { وإن الله لسميع عليم } معناه " سميع " لما يقوله القائل في ذلك " عليم " بما يضمره ، فهو يجازيه بحسب ما يكون منه .