Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 74-74)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اخبر الله تعالى في هذه الآية ان الذين آمنوا بالله وصدقوا رسوله وهاجروا من ديارهم وأوطانهم ، يعني من مكة إلى المدينة ، وجاهدوا مع ذلك في سبيل الله وقتال اعدائه . والذين آووا من الأنصار ومعناه ضموهم اليهم ونصروا النبي صلى الله عليه وآله بأنهم المؤمنون حقاً ، وقيل في معناه قولان : احدهما انهم المؤمنون الذين حققوا ايمانهم لما يقتضيه من الهجرة والنصرة بخلاف من اقام بدار الشرك . الثاني - قال ابو علي الجبائي : معناه انهم المؤمنون حقاً ، لان الله حقق ايمانهم بالبشارة التي بشرهم بها ، ولو لم يهاجروا ولم ينصروا لم يكن مثل هذا . واختلفوا في هل تصح الهجرة في هذا الزمان أو لا ؟ فقال قوم : لا تصح لان النبي صلى الله عليه وآله قال : " لا هجرة بعد الفتح " ولأن الهجرة انتقال من دار الكفر إلى دار الاسلام على هجر الاوطان ، وليس يقع مثل هذا في هذا الزمان لاتساع بلاد الاسلام إلا أن يكون نادراً لا يعتد به . وقال الحسن : بقيت هجرة الاعراب إلى الامصار إلى يوم القيامة . والأقوى أن يكون حكم الهجرة باقياً ، لأن من أسلم في دار الحرب ثم هاجر إلى دار الاسلام كان مهاجراً ، وسمي الجهاد في سبيل الله لأنه طريق إلى ثواب الله في دار كرامته . وقوله { لهم مغفرة ورزق كريم } اخبار منه تعالى أن لهؤلاء المغفرة لذنوبهم والرزق الكريم يعني العظيم الواسع والكريم الذي يصح منه الكرم من غير مانع . والكرم الجود العظيم والشرف قال الشاعر : @ تلك المكارم لأقعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا @@ وقيل : الرزق الكريم هنا طعام الجنة لانه لا يستحيل إلى أجوافهم نجواً بل يصير كالمسك ريحاً .